كم توعدُ الخيل في الهيجاء أَن تلجا – حيدر بن سليمان الحلي
كم توعدُ الخيل في الهيجاء أَن تلجا … مآن في جربها أن تلبس الرهجا
وكم قنا الخط كفُّ المطلِ تفطمُها … مآن ترضع الأحشاء والمهجا
وكم تعلل بيض الهند معمدة … عَن الضراب ولمّا تعترق وَدَجا
ياناهجاً في السرى قفراء موحشة … ما كان جانبها المرهوب منتهجا
صديان يقطع عرضَ البيد مقتعداً … غوارب العيس لم يقعد بهنَّ وجا
خذ من لِساني شكوى غَير خائبة ٍ … من ضيق ما نحن فيه تضمن الفرجا
تستنهض الحجة َ المهدي من خَتمَ … الله العظيم به آباءَه الحجبا
لم يستتر تحت ليل الريب صبح هدى … إلاّ وللخلق منه كان منبلجا
من نبعة ٍ تثمر المعروفَ مورقة ٍ … في طينة المجد ساري عِرقها وشجا
المورد الخيل شقراً ثم يصدرها … دهماً عليها إهاب النقع قد نسجا
والضارب الهام يوم الروع مجتهداً … في الله ليس يرى في ضربِها حَرجا
… من كل شيخ نُهى نجدٍ وكهل حِجى
الفارجين مَضيق الكرب إن نُدبوا … والكاشفين ظلام الخطب حين دجى
إن ضللتهم سماء النقع يوم وغى … كانت وجوههم في لَيلها سُرجا
يا مدرك الثار كم يَطوي الزمان على … إمكان إدراكه الأعوام والحججا
لا نومَ حتى تعيدَ الشمَّ عزمتكم … قاعاً بها أمتاً ولا عوجا
في موقفٍ يخلطُ السبع البحارَ معاً … بمثلها من نجيع قد طغت لُججا
من عُصبة ٍ ولجت يوم الطفوف على … هِزبركم غاب عزٍّ قطّ ما وُلِجا
يوم تجهم وجه الموت فيه وقد … لاَقى ابن فاطمة ٍ جذلانَ مبتهجا
في فتية ٍ كسيوف الهندِ قد فتحوا … من مُغلق الحرب في سمر القنا الرُّبحا
وأضرموها على الأعداء ساعرة … ثم اصطلوا دونه من جمرها الوهجا
ضراغم إن دعا داعي الكفاح بهم … نزى من الرعب قلب الموت واختلجا
ما فُوخِروا في الوغى إلاّ قضت لهم … عمارها أنهم كانوا لها ثبجا
من كل أغلبَ في الهيجاء صعدتُه … ترى تمائمها الأكبادَ والمُهجا
أشمُّ ينشقُ أرواح المنونِ إذا … تفاوحت بين أطراف القنا أرجا
أو أصحرته لدى روع حفيظته … فقلب كل هزير لم يكن ثلجا
بيض الوجوه قضوا والخيلُ ضاربة ٌ … رواق ليل من النقع المثار سجا
وُغودرت في شعاب الطف نسوَتُهم … يَجهشنَ وجداً متى طفلٌ لها نشجا
من كلّ صادية الأحشاء ناهلة ٍ … من دمعها والشجى في صدورها اعتلجا
تدعو فيخرج دفاع الزفير حشى … صدورِها ويردّ الكظم ما خرجا
لا صبر يالآل فهر وابن فاطمة … يُمسي وكان أمانَ الناس مُنزعجا
مقلقلاً ضاقت الأرض الفضاءُ به … حتى على لفح نيران الظما درجا
قد قضى بفؤاد حر غلته … لو قلب الصخر يوماً فوقه نضجا
ألله أكبر آل الله مشربهم … بين الورى بذعاف الموت قد مزجا
مروعون وهم أن المروع غدا … وسِع الفضاء عليهم ضيِّقاً حرجا
قد ضرج السيف منهم كل ذي نسك … بغير ذكر إله العرش مالهجا
فغودرت في الثَّرى صرغى جسومهم … وفي نفوسهم لله قد عرجا