كلَّ يومٍ يسومني الدهرُ ثكلا – حيدر بن سليمان الحلي
كلَّ يومٍ يسومني الدهرُ ثكلا … ويريني الخطوبَ شكلاً فشكلا
وبصبري يجدُّ خلف حبيبٍ … منه طرفي لا القلب يخلو محلاّ
أودع الأرض شخصه ثم أدعو … أين ركبُ المنون فيك استقلاّ
يا عذولى َ صبابتي علمّاني … كيف تسلى الهموم لا كيف تسلى ؟
خلياني من مورد الصبر إنّي … قد وردت الأشجان علاً ونهلا
كم أخٍ شدَّ ساعدي بأخيه … بعده قد صحبتُ باعاً أشلاّ
وقريبٍ إليَّ أبعده الموتُ … وكم أبعدت يدُ الموت خلاّ
وعزيزٍ عليَّ أرخصَ دمعي … وهو عندي من نور عينيّ أغلى
أخوتي اخوة ُ الصفا درجتم … فبمن لا بمن همومي تجلى
مضَّنى فقدُكم ولا كفقيدٍ … كبر الخطبُ فيه عندي وجلاّ
إن تكن بعَّضت نواكم فؤادي … فنواه مضتْ به اليوم كلاّ
يا دفيناً بتربة ٍ تخذتها … أعينُ الحور موضع الكحل كحلا
ثكلُ أمِّ القريض فيك عظيمٌ … ولام الصلاح أعظم ثكلا
ما عركن الخطوب صبرَك إلا … حسبت أنها جلت لك نصلا
قد لعمري أفنيت عمرك نسكاً … وشحنت الزمانَ فرضاً ونفلا
وطويت الأيام صبراً عليها … فتساوت عليك حزناً وسهلا
طالما وجهك الكريمُ على الله … به قوبل الحيا فاستهلاّ
إن تعشْ عاطلاً فكم لك نظمٌ … بات جيدُ الزمان فيه محلّى
ولك السائراتُ شرقا وغربا … جئن بعداً ففتن ما جاء قبلا
كم قرعن الأسماعَ بيتاً فبيتا … فأفضن العيون سجلاً فسجلا
كنت أخلصتَ نية القول فيها … فجزاك “الحسين” عنهن فعلا
فهي الصالحات بعدك تبقى … بلسان الزمان للحشر تتلى
يا أمنت الروائعَ أنعمْ بدارٍ … قد أعُدَّت للمتقين محلا
أنت أهلٌ وقد علمت بأن ليـ … ـس يُضيع الباري لمثلك أهلا
ها هم قد تفيأوا ظل من كا … ن على العالمين لله ظلاّ
ذاك «مهديُّ» شرعة الحق والـ … ـقائمُ فيها بالصدق قولاً وفعلا
مَن إذا جاد واهبا جاد وبلاً … وإذا قال ناطقاً قال فصلا
أسدٌ رشَّح الإلهُ بنيه … لعرين الآساد شبلاً فشبلا
علماءُ الهدى دعائم دين اللّـ … ـه حفّاظه وناهيك فضلا
وسقى اللهُ “صالحا” غيث لطفٍ … بشآبيب عفوه مستهّلا