كانوا رجالا – عبدالله البردوني

من نحن .. يا ((صرواح)) يا ((ميتم))؟ … موتى … ولكن ندّعي … نزعم

ننجرّ … لا نمضي … ولا ننثني … لا نحن أيقاظ … ولا نوّم

نغفو بلا نوم ونصحو بلا … صحو … فلا نرنو ولا نحلم

كم تضحك الدّنيا وتبكي أسى … ونحن لا نبكي ولا نبسم

فلم يعد يضحكنا مضحك … ولم تعد آلامنا تؤلم

أضاعت الأفراح ألوانها … وفي عروق الحزن جفّ الدم

ماذا ..؟ ألفنا طعم أوجاعنا … أوّ لم نعد نشتمّ … أو نطعم

أزقة البترول تمتصنا … تبصقنا للريح … أو تهضم

والسيّد المحكوم في داره … في دارنا المستحكم الأعظم

بلادنا كانت ، وأبطالنا … كانوا رجالا قبل أن يحكموا

يقال : كانوا فهماء الحمى … واليوم لا ينوون أن يفهموا

ثاروا صباح القصف لكنهم … يوم انتصار الثورة استسلموا

وبعد عام غيروا لونهم … وبعد أيّام نسوا من هموا

يا موطني … من ذا تنادي هنا ؟ … أسكت … لماذا ..؟ أنت لا تعلم

إنّ طويل العمر لا يرتضي … حيا ينادي … أو صدى يلهم

ترون أن أنسى يمانيّني … كي يطمئن الفاتح الأغشم

الصمت أنجى … حسن .. إنما … في نار صمتي (يمن ) مرغم

هذي بلادي ، وهنا إخوتي … أسكت … تأدّب … طافر مجرم

لكن لماذا ..؟ ان أهلي بنوا … هنا ديارا ، وهنا خيّموا

في كلّ شبر تنجلي ضحوة … من خطوهم … أو يزدهي موسم

هذي الحصى من بعض أشلائهم … من لحمهم هذي الربى الجثّم

هذا الضحى من وهج أبصارهم … ومن رواهم هذه الأنجم

ما زلت أدري أن ذا موطني … … لم لا أناديه وعندي فم ؟