قُتِلَ الحبُّ يا ليالي الودادِ – مصطفى صادق الرافعي

قُتِلَ الحبُّ يا ليالي الودادِ … فاسلمي بالقلوبِ والأكبادِ

مهجةٌ تتلظى غراماً ولكنْ … ألفُ قلبٍ يغلي من الأحقادِ

وصدورٌ كالنارِ غطّىَ عليها … من سوادِ الرياءِ شبهُ الرمادِ

وهمومُ الحياةِ تخلقُ للقل … بِ وأيُّ امرئٍ بغيرِ فؤادِ

ما أمِنَّا الزمانَ إلا كما يأ … منُ إبليسَ زاهدُ الزهادِ

كلُّ يومٍ يصيحُ بالناسِ صوتاً … كضجيجِ الساعاتِ في الميعادِ

أينَ من يأمنُ العواديَ والنا … سُ بأجناسهم ثمارُ العوادي

من تَدَعْهُ فريثما يدركُ النض … جُ وربُّ البستانِ بالمرصادِ

وقتيلٌ من كانَ في الغابِ حيّاً … تتولاهُ أعينُ الآسادِ

إنما الناسُ من يوقّرهُ النا … سُ وإن كانَ أمرهمْ للنفادِ

إن ذكرَ الذينَ شادوا وسادوا … لم يزلْ راسخاً معِ الأطوادِ

وإذا المرءُ أودعَ الأرضَ سرّاً … نبشتْ سرّهُ يدُ الآبادِ

إن تشأ أن ترى حديثكَ بعدَ ال … موتِ فانظرْ إلى حديثِ العبادِ

كم تُرينا الأيامَ من عبرٍ شتّى … كأنَّ الأيامَ في استعدادِ

وأراها في عبرةٍ قد طوتها … كانطواء المليونِ في الأعدادِ

في مليكٍ كساهُ أمسٌ جلالاً … فغدا اليومَ بالي الأبرادِ

كانَ فوقَ السريرِ فانقلبَ الد … هرُ فأمسى بهِ على الأعوادِ

وقضى العمرَ يومَ عيدٍ فلما … ماتَ ضنتْ أيامهُ بالحدادِ

ومن الهمِ أن ترى أدمعَ ال … موتِ من غيرِ أدْمعِ الميلادِ

شُدَّ ما يؤخذُ الظلومُ إذا ما … سارَ في الناسِ سيرةَ استبدادِ

إنما أنفسُ الأنامِ سيوفٌ … إن تحركْ سالتْ من الأغمادِ

أينَ من كانَ في الثغورِ ابتساماً … وهو اليومَ مضغةُ الحسادِ

أينَ من كانَ للبلادِ رجاءً … وهو اليومَ عبرةٌ في البلادِ

سطروا ذكرَهُ على صحفِ التاري … خِ من سوءِ فعلهِ بمدادِ

وأروهُ أن الفسادَ وإن طا … لَ فعقبى أمورهِ للفسادِ

لم يكن يجهلُ الرشادَ ولكنْ … عميَ الحبُّ عن سبيلِ الرشادِ

وأضلُّ الهوى هوى ملكُ الأر … واحِ يبغي محاسنَ الأجسادِ

إنَّ للتاجِ ربةً لا تزين التا … جَ إلا بطلعةِ الأولادِ

لا كتلكَ التي هي الصدفُ الفا … رغُ نحساً لطالعِ الصيَّادِ

عذلوهُ فيها فكانَ مريضاً … ساخراً بالطبيبِ والعُوَّادِ

وإذا كانَ للخطيئةِ عذرٌ … أيُّ عذرٍ لمخطئٍ في التمادي

أبعدوها عن القلوبِ فلم ير … ضَ وصعبٌ تجاورُ الأضدادِ

هو ألقى في النارِ فحماً فلما … أجَّ لم يختطفْ سوى الوقّادِ

ليسَ للملكِ من يسوقُ هواها … حاملِ التاجِ مثلَ سوقِ الجيادِ

أنضجتهُ بالحبِّ حتى إذا ما … بلغَ النضجُ أطعمتهُ الأعادي

وأرتهُ العينانِ أنَّ بياضَ ال … حظِّ قد شابهَ الهوى بسوادِ

جردتْ من لحاظها فاتكاتٍ … جرّأتْ كلَّ تكلُّمِ الأجنادِ

ليتها حينَ لم تقدْهُ لمجد … لم تخلَّ الزمامَ للقوَّادِ

ليتها حينَ أسهرتهُ عليها … ما جزتهُ بمثلِ هذا الرقادِ

قَتَلَتْهُ بِبَغيِها وتَلَتْهُ … وأرى البغيَ جامعاً كالودادِ

أيّ أيدٍ قد بدلت ذلكَ الدر … بحبِ الرصاصِ فوقَ الهوادي

أوما خافتِ الكواكبُ أنْ تس … قطَ من غيرةٍ على الأجيادِ

ما لتلكَ اللحاظِ وهيَ حدادٌ … أصبحتْ في العدوِ غيرَ حدادِ

لم تؤثر في قلبهِ نظراتٌ … ربما أثرتْ بجسمِ الجمادِ

قتلوا ظبيةَ القصورِ ولكنْ … قتلةَ الصائدينَ حيةُ وادي

حسبوها فأراً وهمْ قططُ البي … تِ فلم يأكلوهُ قبل الطرادِ

وكذا يقدمُ اللصوصُ إذا ما … أبصروا الرأسَ مالَ فوق الوسادِ

ما أرى هذهِ الشهامةَ إلّا … حمقاً من فظاظةِ الأكبادِ

عربدوا في الدمِ المراقِ وما الو … حشُ إذا اغتالَ يترك الدم بادي