قَبَسٌ بَدَا مِنْ جَانِبِ الصَّحْرَاءِ – خليل مطران
قَبَسٌ بَدَا مِنْ جَانِبِ الصَّحْرَاءِ … هَلْ عَادَ عَهْدُ الْوَحْيِ فِي سِيناءِ
أَرْنُو إِلى الطُّورِ الأَشَمِّ فَأَجْتَلِي … إيماضَ بَرْقٍ وَاضِحَ الإِيمَاءِ
حَيْثُ الْغَمَامَةُ وَالْكَلِيمُ مَرَوَّعٌ … أَرْسَتْ وَقُوراً أَيَّمَا إِرْسَاءِ
دَكْنَاءُ مُثْقَلَةُ الْجَوَانِبِ رَهْبَةً … مَكْظُومَةُ النِّيرَانِ فِي الأَحْشَاءِ
حَتَّى تَكَلَّمَ رَبُّهَا فَتَمَزَّقَتْ … بَيْنَ الصَّوَاعِبِ فِي سَنىً وَسَنَاءِ
وَتَنَزَّلَتْ أَحْكَامُهُ فِي لَوْحِهَا … مَكْتُوبَةً آيَاتُهَا بِضِيَاءِ
أَتْرَى الْعِنَايَةَ بَعْدَ لأْيٍ هَيَّأَتْ … للشَّرْقِ مَنْجَاةً مِنَ الْغَمَّاءِ
فَأُتِيحَ فِي لَوْحِ الْوَصَايَا جَانِبٌ … خَالٍ لَمُؤْتَنَفِ مِنَ الإِيصَاءِ
وَتَخَلَّفَتْ بَيْنَ الرِّمَالِ مَظِنَّةٌ … لِتَفَجُّرٍ فِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ
قَدْ آنَ لِلْعَاشِينَ فِي ظَلْمَائِهِمْ … حِقْباً خُرُوجُهُمُ مِنَ الظَّلْمَاءِ
إِنَّي لِمَيْمُونُ النَّقِيبَةِ مُلْهَمٌ … إِبْرَاءُ زَمْنَاهُمْ وَرِيُّ ظِمَاءِ
إِنْ لَمْ يَقُدْهُمْ قَائِدٌ ذُو مِرَّةٍ … وَالبَأْسُ قَدْ يُنْجِي مِنَ البْأْسَاءِ
هَلْ مِنْ بَشِيرٍ أَوْ نَذِيرٍ قادِرٍ … مُتَبَيِّنٍ مِنْهُمْ مَكَانَ الدَّاءِ
يَهْدِيهُمُ سُبُلَ الرُّقِيِّ مُلاَئِماً … لِزَمانِهِمْ وَطَرائِقَ الْعَلْيَاء
أَلشَّاعِرِيَّةُ لاَ تَزَالُ كَعَهْدِها … بَعْدَ النُّبُوَّةِ مَهْبِطَ الإِيحَاءِ
وَالصَّوْتُ إِنْ تَدْعُ الْحَقِيقَةُ صَوْتُهَا … وَالنُّورُ نُورُ خَيَالِهَا الْوَضَّاء
يَا شَيْخَ سِينَاءَ الَّتي بُعِثَ الْهُدَى … مِنْ تِيهِهَا فِي آيَةٍ غَرَّاءِ
سَنَرَى وَأَنْتَ مُعَرِّبٌ عَنْ حَقِّهَا … كَيْفَ الموَاتُ يَفُوزُ بِالأَحْيَاءِ
هَذِي النِّيَابَةُ شَرَّفَتْكَ وَشَرَّفَتْ … بِكَ فِي الْبِلاَدِ مكَانَةَ الأُدَبَاءِ
قَأَهْنَأْ بِمَنْصِبِهَا الرَّفِيعِ وَإِنْ تَكُنْ … أَعْبَاؤُهَا مِنْ أَفْدَحِ الأَعْبَاءِ
حَسْبُ القَرِيضِ زِرَايَةً فَاثْأَرْ لَهُ … وَارْفَعْ بِنَاءَكَ فَوْقَ كُلِّ بِنَاءِ
وَأَرِ الأُلى جَارُوا عَلَى أَرْبَابِهِ … آفَاتِ تِلْكَ الخُطَّةِ العَوْجَاءِ
إِنَّ التَّوَاكُلَ وَالتَّخَاذُلَ وَالقِلَى … لأَقَلُّ مَا جَلَبَتْ مِنَ الأَرْزَاءِ
وَتَنَزُّلِ الأَقْوَامِ عَنْ أَخْطَارِهَا … وَتَعَسُّفِ الحُكِّامِ وَالكُبَرَاءِ
أَبْنَاءُ يَعْرُبَ فِي أَسىً مِنْ حِقْبَةٍ … شَقِيتَ بِهَا الآدابُ جِدَّ شَقَاءِ
جَنَفَ البُغَاةُ بِهَا عَلَى أَهْلِ النُّهَى … وَاسْتُعْبِدَ العُلَمَاءُ لِلْجُهَلاَءِ
وَتَخَيَّلَ السَّادَاتُ فِي أَقْوَامِهِمْ … شُعَرَاءَهَا ضَرْباً مِنَ الأُجرَاءِ
وَهُمُ الَّذِينَ تَنَاشَدُوا أَقْوَالَهُمْ … لِلْفَخْرِ آوِنَةً وَلِلتَّأْسَاءِ
وَبِفَضْلِهِمْ غُذِيَتْ غِرَاثُ عُقُولِهِمْ … مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ أَلَذَّ غِذَاءِ
وَبِنفحَةٍ مِنْهُمْ غَدَتْ أَسْمَاؤُهُمْ … مِنْ خَالِدَاتِ الذِّكْرِ فِي الأَسْمَاءِ
أصْلِحْ بِهِمْ رَأْيَ الأُولَى خَالُوهُمُ … آلاتِ تَهْنِئَةٍ لَهُمْ وَعَزَاءِ
وَلْتَشْهَدِ الأَوْطَانُ مَا حَسَنَاتُهُمْ … فِي المَنَصِبِ الْعَالِي وَفِي الإِثْرَاءِ
وَلْتَعْلَمِ الأَيَّامُ مَا هُوَ شأْنُهُمْ … فِي كُلِّ مَوْقِفِ عِزَّةٍ وَإِبَاءِ
يَا بَاعِثَ المَجْدِ الْقَدِيمِ بِشِعْرِه … وَمُجَدِّدَ الْعَرَبِيَّةِ الْعَربَاء
أَنْتَ الأَمِيرُ وَمَنْ يَكُنْهُ بِالْحِجَى … فَلَهُ بِهِ تِيهٌ عَلَى الأُمَرَاءِ
أَلْيَوْمَ عِيدُكَ وَهْوَ عِيدٌ شَامِلٌ … لِلضَّادِ فِي مُتَبَايَنِ الأَرْجَاءِ
فِي مِصْرَ يُنْشِدُ مِنْ بَنِيها مُنْشِدٌ … وَصَدَاهُ فِي الْبَحْرَيْنِ وَالزَّوْرَاءِ
عِيدٌ بِهِ اتَّحَدَتْ قُلُوبُ شُعُوبِهَا … وَلَقَدْ تَكُونُ كَثِيرَةُ الأَهْواءِ
كَمْ رِيمَ تَجْدِيدٌ لِغَابِرِ مَجْدِهَا … فَجَنَى عَلَيْهَ تَشَعُّبُ الآرَاءِ
مَا أَبْهَجَ الشَّمْسَ الَّتِي لاَحَتْ لَهَا … بَعْدَ الْقُنُوطِ وَطَالَعَتْ بِرجَاءِ
أَلشِّعْرُ أَدْنَى غَايَةً لَمْ يَسْتَطِعْ … إِدْنَاءَهَا عَزْمٌ وَحُسْنُ بَلاَءِ
مَا السِّحْرُ إِلاَّ شِعْرُ أَحْمَدَ مَالِكاً … مِنْهَا الْقِيَادَ بِلُطْفِ الاسْتِهْوَاءِ
قَدْ هَيَّأَتْ آيَاتُهُ لِوُفُودِهَا … فِي مِصْرَ عَنْ أُمَمٍ أَحَبَّ لِقَاءِ
لاَ يُوقِظَ الأَقْوَامَ إِلاَّ مُنْشِدٌ … غَردٌ يُنَبِّهُ نَائِمَ الأَصْدَاءِ
كَلاًّ وَلَيْسَ لَهَا فَخَارٌ خَالِصٌ … كَفَخَارِهَا بِنَوَابِغِ الشُّعَرَاءِ
يا مِصْرُ بَاهِي كُلَّ مِصْرٍ بِالأولَى … أَنْجَبْتِ مِنْ أَبْنَائِكِ الْعُظَمَاءِ
حَفَلُوا لأَحْمَدَ حَفْلَةً مَيْمُونَةً … لَمْ تَأْتِ في نَبَإٍ مِنَ الأَنْبَاءِ
مَا أَحْمَدٌ إلاَّ لِوَاءُ بِلاَدِهِ … فِي الشَّرْقِ يَخْفُقُ فَوْقَ كُلِّ لِوَاءِ
عَلَمٌ بِهِ الوَادِي أَنَافَ عَلَى ذُرىً … شُمِّ الْجِبَالِ بِذُرْوَةٍ شَمَّاءِ
بَسَمَتْ ذُؤَابَتُهُ وَمَا زَانَ الرُّبَى … فِي هَامَهَا كَالحِلْيَةِ الْبَيْضَاءِ
هَلْ فِي لِدَاتٍ أَبِي عَلِيٍّ نِدُّهُ … إِنْ يَصْدُرَا عَنْ هِمَّةٍ وَمَضَاءِ
أَوْ شَاعِرٍ كَأَبِي حُسَيْنٍ آخِذٍ … مِنْ كُلِّ حَالٍ مَأْخَذَ الْحُكَمَاءِ
فَهِمَ الحَيَاةَ عَلَى حَقِيقَةِ أَمْرِهَا … فأَحَبَّهَا مَوْفُورَةَ النَّعْمَاءِ
يَجْنِي دَوَانِيهَا وَلاَ يَثْنِيهِ مَا … دُونَ القَواصِي مِنْ شَدِيدِ عَنَاءِ
يقْضِي مُنَاهُ أَنَاقَةً فِي عيْشِهِ … وَيَفِيَ بِحَقِّ المَجْدِ أَيَّ وَفَاءِ
عَظُمَتْ مَوَاهِبُهُ وَأَحْرَزَ مَا اشْتَهَى … مِنْ فِطْنَةٍ خَلاَّبَةٍ وَذَكَاءِ
إِنْ تَلْقَهُ تَلْقَ النُّبُوغَ مُمَثَّلاً … فِي صُورَةِ لَمَّاحَةِ اللَّأْلاَءِ
طُبِعَتْ مِنَ الحُسْنِ العَتِيقِ بِطَابَعٍ … وَضَّاحِ آيَاتٍ بَدِيعِ رُوَاءِ
زَانَ الخَيَالُ جَمَالَهَا بِسِمَاتِهِ … وَأَعَارَهَا قَسَمَاتِهِ لِبَقَاءِ
واليَوْمَ إِذْ وَلَّى الصَّبَا لَمْ يَبْقَ مِنْ … أَثَرٍ عَلَيْهَا عَالِقٍ بَفَنَاءِ
لاَ شَيءَ أَرْوَعُ إِذْ تَكُونُ جَلِيسَهُ … مِنْ ذلِكَ الرَّجُلِ القَرِيبِ النَّائِي
أَبَداً يُقَلَّبُ نَاظِرَيْهِ وَفِيهِمَا … تَقْلِيبُ أَمْوَاجٍ مِنَ الأَضْوَاءِ
يرَنْو إِلى العَلْيا بِسَامي طَرْفِهِ … وَيُلاَحِظُ الدُّنْيَا بِلاَ إِزْرَاءِ
يُغْضِي سَمَاحاً عنْ كَثِيرٍ جَفْنُهُ … وَضَمِيرُهُ أَدْنَى إِلى الإِغْضَاءِ
فَإِذَا تُحَدِّثُهُ فَإِنَّ لَصَوْتَهَ … لَحْناً رَخِيمَ الْوَقْعِ في الْحَوْبَاءِ
فِي نُطْقِهِ الدُّرُّ النَفِيسُ وَإِنَّمَا … تَصْطَادُهُ الأَسْمَاعُ بِالإِصْغَاءِ
لَكِنَّ ذَاكَ الصَّوْتَ مِنْ خَفْضٍ بِهِ … يَسْمُو الْحِفَاظُ بِهِ إِلى الْجَوْزَاءِ
أَعْظِمْ بِشَوْقِي ذَائِداً عَنْ قَوْمِهِ … وَبِلاَدِهِ فِي الأَزْمَةِ النَّكْرَاءِ
لَتَكَادُ تَسْمَعُ مِنْ صَريرِ يَرَاعِهِ … زأْراً كَزَأْرِ الأُسْدِ فِي الْهَيْجَاءِ
وَتَرَى كَأّزْنِدَةٍ يَطِيرُ شَرَارُهَا … مُتَدَارِكاً فِي الأَحْرُفِ السَّوْدَاءِ
وَتُحِسُّ نَزْفَ حُشَاشَةٍ مَكْلُومَةٍ … بِمَقَاطِرِ الْياقُوتَةِ الحُمْرَاءِ
فِي كُلِّ فَنٍ مِنْ فُنُونِ قَرِيضِهِ … مَا زَالَ فَوْقَ مَطَامِعِ النُّظَرَاءِ
أَمَّا جَزَالَتُهُ فَغَايَةُ مَا انْتَهَتْ … شَرَفاً إِليْهِ جَزَالَةُ الفُصَحَاءِ
وَتَكَادُ رِقَّتُهُ تَسِيلُ بِلَفْظِهِ … فِي المُهْجَةِ الظَّمْأَى مَسِيلَ المَاءِ
لَوْلاَ الْجَديدُ مِنَ الْحَلَى فِي نَظْمِهِ … لَمْ تَعْزُهُ إِلاَّ إِلى الْقُدَمَاءِ
نَاهِيكَ بِالْوَشْيِ الأَنِيقِ وَقَدْ زَهَا … مَا شَاءَ فِي الدِّيبَاجَةِ الْحَسْنَاءِ
يَسْرِي نَسِمُ اللُّطْفِ فِي زِينَاتِهَا … مَسْرَى الصِّبَا فِي الرَّوْضَةِ الْغَنَّاءِ
هَتَكَتْ قَريحَتُهُ السُّجُوفَ وَأَقْبَلَتْ … تَسْبِي خَبَايَا النَّفْسِ كلَّ سِبَاءِ
فَإِذَا النَّوَاظِرُ بَيْنَ مُبْتَكرَاتِهِ … تُغْزَى بِكُلِّ حَيِية عَذْرَاءِ
فِي شدْوِهِ وَنُوَاحِهِ رَجْعٌ لِمَا … طَوِيَتْ عَلَيْهِ سَرَائِرُ الأَحْيَاءِ
هَلْ فِي السَّمَاعِ لِبَث آلامِ الْجَوَى … كَنُوَاحِهِ وَكَشَدْوِهِ بِغِنَاءِ
يشْجِي قَدِيمُ كَلاَمِهِ كَجَدِيدهِ … وَأَرَى الْقَدِيمَ يَزِيدُ فِي الإِشْجَاءِ
فَمِنَ الْكَلاَمِ مُعَتَّقٌ إِنْ ذُقْتَهُ … ألْفَيْتَهُ كَمُعَتَّقِ الصَّهْبَاءِ
مَلأَتْ شَوَارِدُهُ الْحَوَاضِرَ حِكْمَةً … وَغَزَتْ نُجُوعَ الْجَهْلِ فِي البَيْدَاءِ
وَتُرَى الدَّرَارِي فِي بُحُورِ عَرُوضَهِ … وَكَأّنَّهُنَّ دَنَتْ بِهِنَّ مَرَائِي
كَمْ فِي مَوَاقِفِهِ وَفِي نَزَعَاتِهِ … مِنْ مُرْقِصَاتِ الْفَنِّ وَالإِنْشَاءِ
كَمْ فِي سَوَانِحِهِ وَفِي خَطَرَاتِهِ … مِنْ مُعْجِزَاتِ الْخَلْقِ وَالإِبْدَاءِ
رَسَمَ النُّبُوغُ لَهُ بِمُخْتَلِفَاتِهَا … صُوَراً جَلاَئِلَ فِي عُيُون الرَّائِي
أَلمَمْتُ مِنْ شَوْقِي بِنَحُوٍ وَاحِدٍ … وَجَلاَلُهُ مُتَعَدِّدُ الأَنْحَاءِ
مَلأَتْ مَحَاسِنُهَا قُلُوبَ وَلاَتِهِ … وَتَثَبَّتَتْ فِي أَنْفْسِ الأَعْدَاءِ
لِلهِ شَوْقِي سَاجِياً أَوْ ثَائِراً … كَاللَّيْثِ وَالْبُرْكَانِ وَالدَّأْمَاءِ
لِلهِ شَوْقِي فِي طَرَائِقِ أَخْذِهِ … بِطَرَائِفِ الأَحْوَالِ وَالأَشْيَاءِ
فِي لَهْوِهِ وَسُرُورِهِ فِي زُهْوِهِ … وَغُرُورِهِ فِي الْبَثِّ وَالإِشْكَاءِ
فِي حُبِّهِ للِنِّيلِ وَهْوَ عِبَادَةٌ … للِرَازِقِ الْعُوَّادِ بِالآلاَءِ
فِي بِرِّهِ بِبِلاَدِهِ وَهِيَامِهِ … بِجَمَالِ تَلْكَ الْجَنَّةِ الْفَيْحَاءِ
فِي وَصْفَهِ النْعَمَ التِي خصت بِهَا … مِن حُسْنِ مُرْتَبُعٍ وَطِيبِ هَوَاءِ
فِي ذِكْرِهِ مُتَبَاهِياً آثَارَهَا … وَمَآثِرَ الأَجْدَادِ وَالآباءِ
فِي فَخْرِهِ بِنُهُوضِهَا حَيْثُ الرَّدَى … يَهْوِي بِهَامِ شَبَابِهَا النُّبَهَاءِ
فِي شُكْرِهِ لِلْمَانِعِينَ حِياَضَهَا … وَحُمَاةِ بَيْضَتِهَا مِنَ الشُّهَدَاءِ
فِي حَثَّهِ أَعْوَانَ وَحْدَتِهَا عَلَى … وُدٍّ يُؤَلِّفُ شَمْلَهُمْ وَإِخَاءِ
مَتَثَبِّتِينَ مِنَ الْبِنَاءِ برُكْنِهِ … لِتَمَاسُكِ الأَعْضَادِ وَالأَجْزَاءِ
فِي نُصْحِهِ بِالعِلْمِ وَهْوَ لأَهْلِهِ … حِرْزٌ مِنَ الإِيهَانِ وَالإِيهَاءِ
فِي وَصْفِهِ الآيَاتِ مِمَّا أبْدَعَتْ … أُممٌ يَقِظْنَ وَنَحْنُ فِي إِغْفَاءِ
وَصْفٌ تَفَنَّنَ فِيهِ يُغْرِي قَوْمَهُ … بِالأَخْذِ عَنْهَا أشْرَفَ الإِغْراءِ
لَمْ يُبْقِ مِنْ عَجَبٍ عُجَابٍ خَافِياً … فِي بَطْنِ أَرْضٍ أَوْ بِظَهْرِ سَمَاءِ
هَذَا إِلى مَا لاَ يُحِيطُ بِوَصْفِهِ … فِكْرِي وَدُونَ أَقَلَّهِ إِطْرَائِي
بَلَغتْ خِلاَلُ الْعَبْقَرِيَّةِ تِمَّهَا … فِيهِ وَجَازَتْ شَأْوَ كُلِّ ثَنَاءِ
فَإذَا عَيِيتُ وَلَمْ أَقُمْ بِحُقُوقِهَا … فَلَقَدْ يَقُومُ الْعُذْرُ بالإِبْلاءِ
مَاذَا عَلَى مُتَنَكِّبٍ عَنْ غَايَةٍ … وَالشَّوْطُ لِلأَنْدادِ والأَكْفَاءِ
أًعَلِمْتَ مَا مِنّي هَوَاهُ وَإِنَّهُ … لَنَسِيجُ عُمْرٍ صَدَاقَةٍ وَفِدَاءِ
أَيْ حَافِظَ الْعَهْدِ الَّذِي أَدْعُو وَمَا … أَخْشَى لَدَيْهِ أَنْ يَخِيبَ دُعَائِي
أَدْرِكْ أَخاكَ وَأَوْلِهِ نَصْراً بِمَا … يَنْبُو بِهِ إِلاَّكَ فِي الْبُلَغَاءِ
جل المَقَامُ وقَدْ كَبَتْ بِي هِمَّتي … فَأَقِلْ جَزَاكَ اللهُ خَيْرَ جَزَاءِ
يَأْبَى عَلَيْكَ النُّبْلُ إِلاَّ أَنْ تُرَى … فِي أَوَّلِ الْوَافِينَ لِلزُّمَلاَءِ
وَالشَّرْقُ عَالِي الرَّأْسِ مَوْفُوُرُ الرِّضَى … بِرِعَايَةِ النُّبَغَاءِ لِلنُّبَغَاءِ
يَا مَنْ صَفَا لِي وُدُّهُ وَصَفَا لَهُ … وُدِّي عَلَى السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ
فَأَعَزَّنِي يَوْمَ الْحِفَاظِ وَلاَؤُه … وَأَعَزَّهُ يَوْمَ الْحِفَاظِ وَلاَئِي
وَعَرَفْتُ فِي نَادِي الْبَيَانِ مَكَانَهُ … وَمَكَانُهُ الأَسْنَى بِغَيْرِ مِرَاءِ
يَهْنِيكَ هَذَا الْعِيدُ دُمْ مُسْتَقْبِلاً … أَمْثَالَهُ فِي صِحَّةِ وَصَفَاءِ