قم فانتشطها حسبها أن تعقلا – مهيار الديلمي

قم فانتشطها حسبها أن تعقلا … ودع لها أيديها والأرجلا

وارم بها عرضَ الفلا فإنها … ما خلقتْ إلا رجوماً للفلا

ولا تحرَّجْ أن ترى شعارها … حصَّتْ ولا البدّنَ منها نحلاَّ

فإنّ ما تنفضُ من أوبارها … أثمانُ ما تنفضُ من طرقِ العلا

لا يطرحُ الذلَّ وراء ظهرها … إلا فتى ً ينضي المطايا الذُّلُلا

كم للظَّما توعدُ بالماءِ وكم … ترعى الطَّوى وكم تمنَّى بالكلا

على ثرى لا ينبت العزَّ ولا … يكون للحرّ الكريم منزلا

خيرٌ من امتناعها وضمِّها … في الهون أن تطردَ أو تشللاَّ

ما بابلٌ بوطنٍ لعازفٍ … يأنفُ أن يضامَ أو يبتذلا

دارٌ يكون الناقصَ الخطو بها … والصوتِ من كان الأتمّ الأكملا

كأنا أقسمَ خبثُ طينها … لا يحمل الإنصافَ فيما حملا

وإن أرتكَ شارة ً طريرة ً … ترضى بها العينُ ووجها هلهلا

فغر على المجدِ وواصلْ غيرها … أخرى تليقُ الفضلَ والتفضُّلا

ولا تكن إلا أخا صريمة ٍ … متى نبتْ دارٌ به تحوَّلا

رم العلا بين بيوتِ أهلها … مقلَّبا في طرقها مقلقلا

فقلّما يعدم نجحَ حاجة ٍ … من يقتني الخيلَ لها والإبلا

كم راودت ْبين بيوتِ أهلها … عن ريِّها فما سقوها بللا

وفي بني الأصفر أوتارٌ لها … نام وليُّ ثأرها وغفلا

و بالعراق عربٌ أصفتهمُ … مسلفة ً ثناءها المنخَّلا

فما قروها والقِرى ميسَّرٌ … إلا المنى مكذوبة ً والأملا

لم يوقدوا نارا لها تؤنسها … بهم ولم يرعوا إليها جملا

لكن لها بالشرق من إخوتهم … حيٌّ قِرى أضيافهم حيَّ هلا

وجمرة ٌ من أسدَ ذاكية ٌ … تهدي على البعد الضيوفَ الضُّللا

حيِّ وقرِّب من عفيف أوجها … أسرّة ُ الأقمار منها تجتلى

وفاخر المجدَ بأيدٍ سبطة ٍ … لهم تجود والحيا قد بخلا

أملْ إلى واديهم وادي الندى … أعناقها ترعَ الخصيبَ المبقلا

ترى الرياضَ والحياضَ فعمة ً … تكرعُ علاّ ما اشتهتْ ونهلا

ادعُ إلى النصر الحسامَ المنتضى … واسأل عن الغيث الغمامَ المسبلا

واجلُ دجاها بفتى خزيمة … ما صدع البرقُ الغمامَ فانجلى

وافتح بمجد الدين إن مدَّ لها … يمينه بابَ السماح المقفلا

بالعربيِّ نسبا وكرما … والفارسيِّ سيرة ً ومنزلا

وقل لأبناء دبيس ما طما … بالشرق واديها وما تأثّلا

فخرا ومجدا بفتى ً جذعٍ غدا … من سرِّكم ساد القروم البُزَّلا

شدُّوا الحبى بابن الحسين وانتدوا … فوازنوا كلَّ فخارٍ ثقلا

وكاثروا كواكبَ الأفقِ به … مباهلين واستقلُّوا الأصُلا

إن كنتمُ من مضر لبابها ال … محضَ وصافى طينها المصلصلا

والأسدَ فيها نجدة ً وأنفسا … إن ركبتْ أو دعيتْ لتنزلا

فمن شهابِ الدولة اليومَ لكم … آخرُ مجدٍ فاقَ ذاك الأوّلا

قدّمه الله على علمٍ به … والله من فضَّل كان الأفضلا

أمَّره بحقِّه عليكمُ … أسخطَ أو أرضاكمُ ما فعلا

فإن تطيعوا تجتنوها نحلة ً … بيضاءَ طاب مجتناها وحلا

وإن تميلوا حيدا عن أمره … وحسدا فانتقفوها حنظلا

أولا فسُدوا ثمَّ ثغرا سدَّه … واحتملوا من مغرم ما احتملا

من لكمُ بني أبيه من لكمْ … لولاه يبنى ما ابتنى من العلا

ومن لكم يغدو بها مغيرة ً … تحسبُ في باقي الظلام شعلا

نوازياً نزوَ الدَّبى مطلعة ً … على الأعادي أجلاً فأجلا

يقدمها منكم همامُ غابة ٍ … يعلِّم الطعنَ الأشلَّ الأعزلا

إذا حمى ليثُ الشرى عرينه … حمى بها الملكَ وأحيا الدولا

ومن سواه مشبعٌ أضيافه … غلبة ً من حيث يروى الأسلا

وآخذٌ بيده وسيفه … نفائسا يسلبها ما نوّلا

وأين أبياتكمُ من بيته … إن طلبَ الوفدُ العمادَ الأطولا

تخمدُ أولى الليل نيرانكم … والشمسُ مع نيرانه كلا ولا

وتحبطون وإماءُ بيته … يقذفنَ فوق الجمراتِ المندلا

ومن قرى أضيافه أن تنحرَ ال … بدورُ حين تنحرون الإبلا

كذاك ما فاض فصارت معه … بحاركم فخائضا ووشلا

أعطاكمُ فجار في أمواله … وقام فيكم حاكما فعدلا

فسلِّموا الإقرارَ بالفضل لمن … راهن في السبق ففاتَ المقلا

واتَّبعوا لواءه فإنما ال … مقبلُ منكم من أطاع المقبلا

فخيرُ من قادكمُ من لو سرى … بنفسه كان الخميسَ الجحفلا

العلم المنصورُ منصوبٌ لكم … فاجتنبوا المنكوسَ والمخذَّلا

من موصلٌ على النوى ألوكة ً … يفصحها مؤدّيا ومرسلا

يبلغُ عنى حملتْ ناجية … ما ضم في عيابه وحملا

إذا الفجاج صعبتْ تذكَّر ال … فوزَ الذي يدركه فاستسهلا

يممْ أميرَ الأمراءِ جانباً … بجانب الأهواز تلك الحللا

فحيّ عنهم وجهه المقبولَ بال … جهد وصافح كفَّه المقبَّلا

وقل له تحدَّثتْ فشوَّقتْ … عنك الرواة ُ مطلقا ومرسلا

تحدَّثوا أنَّ يديك مزنة ٌ … تستضحك العامَ القطوبَ الممحلا

وأنك المرءُ تقرُّ عينه … بفقره لسائل تموّلا

تعطى حياءً مطرقا ملثَّما … وقد وهبتَ مسنيا ومجزلا

ويسفرِ الناسُ على بخلهم … لأنهم لا يعرفون الخجلا

وأن أخلاقك ماءُ نطفة ٍ … رقَّت لها الريح صباً وشملا

فلو سكبتَ خلقك المطربَ في ال … كاسات ما غادرتَ إلا ثملا

وقيل إنّ الليثَ لا يحمي كما … تحمي البلادَ غابه والأشبلا

لو حرص الموتُ على إيغاله … يطلبُ من تمنعهُ ما وصلا

يزورُّ عن سرحك سرحان الغضا … فما يشمُّ التربَ إلا وجلا

وأنّ ملكَ الدّيلميّ روضة ٌ … لولاك كانت بالسيوف تختلى

أطمعته وفارسٌ سريرهُ … أرضَ العراقُ عنوة ً والجبلا

سمّاك إذ نصرته نصيره … ويده وسيفه قد خذلا

يهزمنك صعدة ً خطَّارة ً … على العدا وينتضيك منصلا

محاسنٌ تواترتْ أخبارها … وعدلَ الناقلُ فيما نقلا

فطبَّقتْ سائرة ً أوصافها … في الأرض حتّى ملأتْ عرضَ الفلا

فهزّني نحوك قلبٌ لم يزلْ … بالأكرمين كلفا موكَّلا

تيَّمه أهلُ العلا لكنّهم … حاشاك قد ماتوا معا وقد سلا

وكانت الفوزة ُ في زيارة ٍ … تشفي الغليلَ وتسدُّ الخللا

فمن بها لو سمح الدهرُ بها … ودينه في مثلها أن يبخلا

أرى مطارا وجناحى ناقصٌ … فكيف لي نحوكمُ أن أصلا

وما الفؤادُ خانني لكنّها … حوادثٌ عاقت وجسمٌ نكلا

فقدتها نواهضا خفائفاً … تطوي الطريقَ محزنا ومسهلا

ناطقة ً في الصُّحف عن آياتها … على البعاد صامتاتٍ قوّلا

غرائباً أبعث منها معجزا … كأنني بعثتُ فيها مرسلا

مطبِّقاتٍ مفصلا فمفصلا … وناطقاتٍ فيصلاً ففيصلا

من كلّ بيتٍ لو دعا بسحره … أمَّ النجوم طامنتْ أن تنزلا

إنْ دار دار فلكا أو حلَّ حلَّ … جبلا أو سار سار مثلا

ودَّ الملوكُ نازحا ودانيا … فقرهُ جدَّ بها أو هزلا

كأنني حكَّمتُ في قلوبهم … من لفظه الحلوِ العيونَ النُّجلا

تعضله الغيرة ُ من خطَّابه … إذا القريضُ طلبَ التبعُّلا

كم سامه من مرغب أو مرهب … فلم يجبْ حبّاً ولا تجمُّلا

لكنني أراك من خطَّابه … أكرمَ ملكا وأقلَّ مللا

لذاك أمكنتكَ من عنانه الص … عبِ وأرخصتُ عليك ما غلا

أهديته من قبلِ أن تخطبه … تبرُّعا بالوصل أو تنفُّلا

فاشكر لمسعاي الذي سعيته … متى شكرتَ شاعرا مطفِّلا

محضتك النصحَ وما انتصحتني … قولا فكايلني الجزاءَ عملا

ومن شهودِ طربي إليكمُ … أنى تركتُ للمديح الغزلا