قضى دينَ سعدي طيفها المتأوبُ – مهيار الديلمي

قضى دينَ سعدي طيفها المتأوبُ … و نول إلا ما أبى المتحوبُ

سرى فأراناها على عهد ساعة ٍ … و من دونها عرضُ الغويرِ فغربُ

فمثلها لا عطفها متشمسٌ … و لا مسها تحت الكرى متصعبُ

تحيي نشاوى من سرى الليل ألصقوا … جنوبا بجلدِ الأرض ما تتقلبُ

إذا أنسوا بالليل جاذبَ هامهم … حوافرُ قطعِ الليل والنومُ أطيبُ

و في التربِ مما استصحبَ الطيفُ فعمة ٌ … يرواح قلبي نشرها المتغربُ

فعرفني بين الركاب كأنما … حقيبة ُ رحلى باقيَ الليلِ مسحبُ

ألا ربما أعطتك صادقة َ المنى … مصادفة ُ الأحلامِ من حيثُ تكذبُ

و يومٍ كظلَّ السيفِ طال قصيرهُ … على حاجة ٍ من جانبِ الرملِ تطلبُ

بعثتُ لها الوجناءَ تقفو طريقها … أمامَ المطايا تستقيمُ وتنكبُ

فمالت على حكم الصبا لمحجرٍ … و للسير في أخرى مظنٌّ ومحسبُ

أعدْ نظراً واستأنِ يا طرفُ ربما … تكون لالتي تهوى التي تتجنبُ

فما كلُّ دارٍ أقفرتْ دارة ُ الحمى … و لا كلّ بيضاءِ الترائبِ زينبُ

عجبتُ لقلبي كيف يستقبل الهوى … و يرجو شبابَ الحيّ والرأسُ أشيبُ

تضمُّ حبالَ الوصل من أمَّ سالمٍ … و حبلكَ بعد الأربعينَ مقضبُ

و ليس لسوداءِ اللحاظِ ولو دنا … بها سببٌ في أبيض الرأس مطربُ

و لائمة ٍ في الحظّ تحسبُ إنه … بفضلِ احتيالِ المرءِ والعسي يجلبُ

رأت شعثاً غطى عليه تصوني … و عيشا بغيضا وهو عندي محببُ

و قد كنتُ ذا مالٍ مع الليل سارحٍ … على ّ لو أن المالَ بالفضلِ يكسبُ

و لكنه بالعرضِ يشرى خياره … و ينمي على قدرِ السؤالِ ويخصبُ

و ما ماءُ وجهي لي إذا ما تركتهُ … يراقُ على ذلَّ الطلابِ وينضبُ

و إنكِ لا تدرين واليومُ حاضرٌ … بحال اختلالي وما غدا لي مغيبُ

لعلّ بعيداً ما طلتْ دونه المنى … سيحكم تاجُ الملكِ فيه فيقربُ

فما فوقه مرمى لظنًّ موسعٍ … و لا عنه للحقّ المضيعِ مذهبُ

و إن فاتني من جودهِ واصطفائهِ … إلى اليوم ما تسنى يداه ويوهبُ

و أيبسَ ربعي وحده من سحابة ٍ … تبيتُ لمثلى من عطاياه تسكبُ

فرجليَ كانت دون ذاك قصيرة ً … و حظيَ فيما جازني منه مذنبُ

و لا لومَ أن لم يأتني البحرُ إنما … على قدر ما أسعى إلى البحرِ أشربُ

حمى بيضة َ الإسلامِ ليثٌ تناذرتْ … ذئابُ الأعادي الطلسُ عما يذببُ

و زانت جبينَ المكِ درة ُ تاجهِ … فما ضره أيُّ العمائم يسلبُ

و في بالمعالي مستقلاً بحملها … متينٌ إذا خارت قوى العزمِ صلبُ

تريه خفياتِ الشوا كلِ فكرة ٌ … بصيرٌ بها من خطفة ِ النجم أثقبُ

إذا استقبل الأمرَ البطيءَ برأيه … تبينَ من أولاهُ ما يتعقبُ

و مزلقة ِ المتنين تمنعُ سرجها … و تسألُ قوسُ اللجمِ من أين تصحبُ

أبتْ أن يطيف الرائضون بجنبها … فقودتها مملوكة َ الظهرِ تركبُ

و يومٍ بلون المشرفية ِ أبيضٍ … و لكنه مما يفجرُ أصهبُ

إذا أسفرتْ ساعاتهُ تحت نقعهِ … عن الموتِ ظلت شمسه تنتقبُ

صبرتَ له نفساً حبيباً بقاؤها … إلى المجدِ حتى جئتَ بالنصرِ يجنبُ

كواسطَ والأنبارُ أمس كواسطٍ … و من إيما يوميك لا أتعجبُ

و كم دولة ٍ شاختْ وأنتَ لها أخٌ … و أخرى تربيها وأنتَ لها أبُ

ينام عزيزا كهلها وغلامها … و أنت عليها المشبلُ المتحدبُ

أرى الوزراءَ الدارجين تطلبوا … على فضلهم ما نلتهُ فتخيبوا

تباطوا عن الأمر الذي قمت آخذا … بأعجازه واستعبدوا ما تقربُ

فلو لحقتْ أيامهم بك خلتهم … بهديك ساروا أو عليك تأدبوا

نهيتُ الذي جاراك راكبَ بغيهِ … إلى حينه والبغيُ للحينِ مركبُ

و قلتُ تفللْ إنما أنت حابلٌ … على جنبك الواهي تحشُّ وتحطبُ

دعِ الرأسَ واقنع بالوسيطة ِ ناجياً … بنفسك إن الرأسَ بالتاج أنسبُ

و إن وليّ الأمر دونك ناهضُ ال … بصيرة ِ طبٌّ بالخطوب مدربُ

و أهيبُ فينا من قطوبك بشرهُ … و ما كل وجهٍ كالحٍ يتهيبُ

بفعلك سدْ إن الأسامي معارة ٌ … و بالنفس فاخرْ لا بمن قمتَ تنسبُ

تمنوكَ تاجَ الملكِ أن يتعلقوا … غبارك وابنُ الريح في السبق أنجبُ

فظنوا تكاليفَ الوزارة سهلة ً … و منكبُ رضوى في العريكة يصعبُ

فلا زلتَ تلقى النصرَ حيث طلبته … بجدك يعلو أو بسيفك يضربُ

تمدُّ لك الدنيا مطاها ذليلة ً … فتركبُ منها ما تشاءُ وتركبُ

إلى أن ترى ظهرَ البسيطة ِ قبضة ً … بكفيك يلقى مشرقاً منه مغربُ

و قيضَ لي من حسنِ رأيك ساعة ٌ … يساعف فيها حظيَ المتجنبُ

فتمطرني من عدلِ جودك ديمة ٌ … تبلُّ ثرى حالي بما أنا مجدبُ

لعل خفياً كامنا من محاسني … تبوحُ به نعماك عني وتعربُ

و من ليَ لو أنيَّ على العجز ماثلٌ … بناديك يصغى المفحمون وأخطبُ

فتشهد أني ما عدمتُ فضيلة ً … إلى مثلكم مثلي بها يتقربُ

و تعلم مني كيفَ أمدحُ ناظما … فإنك تدري ناثراً كيف أكتبُ