قصيدة حبّ – أديب كمال الدين

حبّي

من أجلك أدركتُ الجسدَ البلّورْ

والثديَ اللامعَ كالنجم القطبي

وتلالَ الماء الغائضة العينين

والخبطَ المعشبَ والصحوَ الرمليّ..

الفجرَ المحمومَ الشفتين كصيفٍ مخبوء.

قد أدركتُ الثلج

والحيرةَ والظنَّ، البحّارَ الضائع

والطفلَ الضاحكَ، أرديةَ امرأةٍ ضاعتْ

مابين شوارع واسعة كجناح النسيان.

قد أدركتُ الجسدَ: الخبز

قد أدركتُ الجسدَ: الحرف.

حبّي

من أجلكَ أنبتُ الأزهار:

النرجس ذكرى

والسوسن: مائدة للريح البضّة

والجوري: طفل يلقي من فوق الجسر الأوراق

أزهار الرمّان الحمراء: لقاء غامض

والقدّاح المتصابي: عرس أخضر

والأزهار البرّية: سيّدة للحبّ

والدفلى: وجه ضاعتْ من عينيه الكلمات.

حبّي

من أجلكَ عانقتُ الألوان: الأخضر للنوم

والأزرق للموت

والأبيض للكيد

الأسود للبلبل

لجراحٍ تأتي حافية القدمين

وجراحٍ تذهب أو تبقى

كالأشجارِ المهجورةِ وسط الريح.

الأحمر للصوم

والأصفر لمرايا الجوع

والبنّي الصامت للريح.

حبّي

من أجلك أطلقتُ الأحلامَ فهذا

حلم صيفيّ

هذا حلم لربيعٍ آتٍ من خلف الغيم

هذي أحلام قلائد من رمّان وزبرجد

وشموس تسقط كاللؤلؤ أو تسقط كالذكرى

هذي أحلام صباح مندهشٍ

بالرغبةِ. تلك، إذن، أحلام جليس صامت

يرنو من خلف ستار شاحب

لصراخ الباعة في الحفلة

هذا حلم أسود

حلم يسأل: أوَ تذكر شيئاًَ عن حلم؟

أوَ كنتَ تقيّا كالنسيان؟

حلم إذ يصرخ فيّ:

هل زوّرتَ الاسماءَ، الليل؟

أوَ كنتَ الطفلَ الضاحك؟

أوَ جاء البحّارُ؟ إذنْ: هل أعددتَ السمّ؟

انظرْ هذا حلم أبيض

حبّي

من أجلكَ قد غنيّتُ حروفاً لا توصف

وحروفاً تشكو لونَ الليل وتمشي

كالأطفال المسرورين

وحروفاً تهمسُ للصيف

أو تهمس للماء

وحروفاً تُعزف للأسفار

أو تُعزف حين يشيب الورد، الكاس

وحروفاً أقدم من تيجان التاريخ

من أصوات الطير

من ذاكرة الأنهار

وحروفا ضاعتْ

من قبل وما وُجدتْ

وحروفاً تحكي عن فاكهةٍ قُطِفتْ

عن سنبلةٍ تأتي لا ريب بإذن اللّه.

حبّي: انظرْ هذي مائدتي تتساءل:

أوَ أنتَ المجنون الجالس تحت الأشجار؟

أوَ أنتَ الصوت المبحوح؟

أوَ أنتَ الخطأ الفادح؟

حبّي: انظرْ هذه مائدتي

صُـنعتْ من أقصى غابات الكلمات

لا تشكو شيئاً

لا تعرف أحداً

لا تأمل أن تدعو أحداً

حبّي: انظرْ هذي مائدتي

وُشِـمَتْ بدمي