قد تبلغ الأنفسُ في ارتيادها – حيدر بن سليمان الحلي
قد تبلغ الأنفسُ في ارتيادها … حصولَ ما تهواه من مرادها
وقد تديم السعيَ في تتمة ِم … انتقاصها أو طلب ازديادها
ففاتها ما اعتقدت حصوله … وجاءها ما ليس في اعتقادها
وكلما قدّره الله لها … في قربها يجري وفي بعادها
هذا ابنُ أمَّ المكرمات من غدا … يرفل في الفاخر من أبرادها
جوادُها وهل بمضمار العلى … أسبقُ من «محمدٍ جوادها»؟
أنكر مسَّ الدهر من خشونة ٍ … لا يرقد الحرُّ على قَتادها
فانساب مثل الأيم عن بلاده … ينتجعُ العزَّة في بلادها
يطلبها بعين يقظانَ رأت … سهادَها أعذبَ من رقادها
مقتعداً من الإباء صعبة ً … لا يقدر الدهر على اقتعادها
حتى اصطفى من عزة ٍ دارَ عُلى … ترفع كفُّ المجد من عمادها
فاحتلَّ منها في رباع شرفٍ … عادت نجوم الأفق من حسادها
قد عقد النديَّ فيها للنهى … واصطنع العرفَ إلى قصّادها
واستحلت الفرسُ له خلائقاً … أخلاقها المرة ُ من أضدادها
فكان فيها كهلال فطرِها … وكلُّ يوم مرَّ من أعيادها
أمّل أن يعودَ وهو رافة ٌ … بناعم العيش إلى بغدادها
فعاد في نعشٍ حوى «صفيّة ً» … أعزَّ في عينيه من سوادها
خلتُ أهنّيه على قدومه … لا أن أعزّيه على افتقادها
وفيه في النادي لآل المصطفى … أقول قرَّت مقلتا أمجادها
لا أنني أقول في مأتمها … صبراً وأين الصبرُ من فؤادها
يا خجلة الأيام من “محمدِ” … “صالِحها” الزاجر عن فسادها
قد صبغ العارُ لها وجوهَها … فلتستتر بفاضح اسودادها
يا قصرتْ يدُ الليالي ما جنت … على أبي “المهديّ” في امتدادها
أليس دأباً كفَّها مملوَّة ً … من كفِّه البيضاء في إرفادها
مولى ً على الأرض تراه رحمة … عمَّت جميع الأرض بانفرادها
أحيا ثراها وأمات جدبَها … بجوده، وكان من أوتادها
مقتصدٌ يسرف في بذل الندى … حيث الورى تسرف باقتصادها
كأنَّ من وقاره حبوتُه … تضمنُ منه الطودَ في انعقادها
سدَّت لأهل الأرض فيه ثلمة … ما ظفرتْ لولاه بانسدادها
خافتْ ولما التجأتْ لعزِّه … أقرّها والأرض في مهادها
يُنمي إلى قبيلة المجد التي … طريفها يعربُ عن تلادها
إن عدَّدت لمفخرٍ ودَّت بأن … تدخلُ زهر الشهب في عدادها
تواترت عنها رواياتُ الندى … من ولدها تنقل في آحادها
في كل ذي نفسٍ تزكَّت بالتقى … لا تعلق الآثامُ في أبرادها
تديم ذكرَ الله، بل كاد لها … يقوم ما عاشت مقامَ زادها
هذا أبو “المهدي”فانظر في الورى … هل كأبي “المهديّ” في عبادها؟
كأنَّ في جنبيه نفسَ ملكِ … تستنفد الأوقات في أورادها
أتعبها في طاعة الله لكي … تفوزَ بالراحة في معادها
حسبُك ما ترويه عن آبائها: … أن التقى والبرِّ في زهّادها
بل كيف لا تثبت دعوى شرفٍ … “أبو الأمين” كان من أشهادها
ندبٌ حياض الجود منه نعمة ٌ … تروي بها الوفدَ على احتشادها
يزداد ورياً زندُ مكرماته … إن زادت الجدوب في أصلادها
صلّى إلى العلياء خلفَ سابقٍ … كان هو النخبة من أمجادها
ذاك أخوه وأبو النجب التي … قد أخذ الفخارَ في أعضادها
منها الرضى للوفد حيث سخطت … من بخل أهل الأرض في ارتيادها
محببُ الأخلاق محسود العُلى … دامت له العلياء مع حسّادها
قد خلط البشرى لذي ودادها … بهائل السخط لذي أحقادها
مثلَ البحار الفعم يروي عذبُها … ويغرق الجائشُ في إزبادها
أو كالقطار السجم يُرجى برقُها … ويُرهب القاصفُ من إرعادها
له الندى المورودُ عبّاً وندى … سواه مثلُ المصّ من ثمادها
أزهرُ بسّام العشيِّ إن دجت … أوجهُ أقوام على قصّادها
يلتمع السرورُ في جبينه … عند قِرى الأضياف وازديادها
قد طاول الأنجمَ «هادي» مجده … حتى سما الكاهل من أفرادها
واتقدت من فوقها أنوارها … حتى شكت إليه من إخمادها
قد خلّف “المهديُّ” خير من مشى … في هذه الأرض على مهادها
وقام في دار علاهُ حافظاً … له ذمامَ الجود في وفّادها
وبعضهم كالنار لا يخلفها … منها سوى ما كان من رمادها
أبلج لا يشبهه البدرُ لأن … تشينه الكلفة ُ في سوادها
من فئة فيها الوقارُ والنهى … ساعة تستهلُّ في ميلادها
«كمصطفى » الفخر وناهيك به … في شرف النفس وفي إرفادها
جلَّ فلولا صغرُ النفس إذن … لقيل هذا مصطفى أجدادها
مَن مثله وأين تلقى مثله؟ … يا رائد المعروف في أجوادها
هذا الذي قد وجدت عفاتُه … برد الندى منه على أكبادها
وعن حسينٍ جودُه تحدَّثت … تحدّثَ الروضة عن عهادها
كالغيث في دنوه، والبدر في … علوِّه والشمس في اتقادها
بل في “أمين” الحلم نفسُ “كاظمٍ” … للغيظ مما ساء من حسّادها
“جعفرُ” فضلِ و”الجواد” جعفرُ” الـ … ـفضل وذا حسبُك من تعدادها
قد ولدت أمُّ المعالي غيرَها … لكن هي الصفوة ُ من أولادها
تهوى السما أن تغتدي فراشها … والشهبُ أن تكون من وسادها
حيث أبو «المهديّ» قد رشَّحها … للفخر والسؤدد من ميلادها
يا فئة ً أحلامها ما زحزحت … راجفة الخطوب من أطوادها
إليكموها غرراً وإن تكن … بدت من الأحزان في سوادها
وسمتها بمدحكم فأقبلت … سماتها تنيرُ في أجيادها
بلطفها من القوافي نزلت … منزلة الأرواح من أجسادها
جاءتك ثكلى غير مستأجرة ٍ … تستقصر «الخنساء» في إنشادها
لو رددت نوحاً «لصخرٍ» لأرت … كيف انفطارُ الصخر في تردادها
ناحت فأبكت شجناً عينَ العُلى … بأدمعٍ تذوب من فؤادها
ثم دعت لا طرقت ربعَكمُ … إلا المسرّات مدى آبادها
ولا وعى غيرَ التهاني سمعُكم … أو مدحاً تطرب في انشادها
ومنكم لا برحت آهلة … عرينة ُ العزَّة في آسادها