قدَّمتك العلى وكنتَ زعيماً – حيدر بن سليمان الحلي

قدَّمتك العلى وكنتَ زعيماً … وقصارى رجائها أن يدوما

واستنابتك عن أكارمَ تقفو … هديَهم والكريمُ يقفو الكريما

لم يزدكَ التعظيمُ منا جلالاً … إذ لدى ذي الجلال كنت عظيما

لك فوق النام طودُ جلالٍ … طائرُ الوهم حوله لن يحوما

ما تجلى به لك الحقُّ إلا … وغدا يصفقُ الحسودَ وجوما

فالعجيب العجاب أنك موسى … ونرى مَن سواك كان الكليما

باسطاً بالندى بنانَ يدٍ بيضا … ءَ لم يغدُ طرفة ً مضمونا

هي شكلٌ للجودِ ينتجُ دأباً … وسواها قد جاء شكلاً عقيما

أيها المسقمُ الحواسدَ غيظاً … بالنُهى كم شفيتَ فكراً سقيما

أنت لطفٌ لكنْ تجسمت شخصاً … فغدا منّك الجسيم جسيما

كم لعامٍ مسحتَ وجهاً بأندى … من وجوه الغر الغوادي أديا

تلكَ راحٌ كم روحتنا وكفٌ … كم بها اللهُ كفْ عنا الهموما

علمتْنا هي الثنا فانتقينا … من مزايا علاكَ دراً يتيما

ولنا اليوم أنتَ في الأرض ظلٌ … منك نهدي إليك عقداً نظيما

عصم الله دينه بك يا مَنْ … كان من كل مأثم معصوما

لا أرى يملك الحسودُ سوى ما … إنْ عددناه كان فيه ذميما

بصراً خاسئاً وكفاً أشلاَ … وحشاً ذاعراً وأنفاً رغيما

قد تقلدتها إمامة َ عصرٍ … سدتَ فيها الإمامَ والمأموما

قدّمتْ منك واحدَ العصر يا مَن … عاد نهجُ الرشاد فيه قويما

قدّمتْ فيكَ ثاني الغيثِ كفاً … ثالثَ النِّيرين وجهاً وسيما

قدّمتْ منك يا أدلُّ على الله … عليماً ناهيك فيه عليما

قد نظرنا بك الأئمة َ حلماً … وحجى ً راسخاً وفضلاً عميما

وروينا في الدين عنك حديثاً … ما روينا في الدين عنك قديماً

بكَ منهم بدت مناقب غرّ … في سماء الهدى طلعنَ نجوما

هي طوراً تكونُ رشداً لقومٍ … ولقومٍ تكون طوراً رجوما

فأقمْ في عُلى ً ترى كلَّ آنٍ … مقعداً للعدوِّ منها مقيما

لم يكنْ ودُّنا مقالاً علكناهُ … كما يعلك الجوادُ الشكيما

بل وجدناكَ حجة الله فينا … فنهجْنا صراطكَ المستقيما

… وغداً نستظلُ فيك النعيما