قبرَ الوزيرِ، تحيَّة ً وسَلاما – أحمد شوقي
قبرَ الوزيرِ، تحيَّة ً وسَلاما … الحلمُ والمعروفُ فيكَ أقاما
ومحاسنُ الأخلاقِ فيك تغيَّبتْ … عاماً، وسوف تغيّب الأَعواما
قد كنت صومعة ً فصرت كنيسة … في ظلِّها صلَّى المطيفُ وصاما
والقومُ حَوْلَكَ يا بن غالي خُشَّعٌ … يقضونَ حقّاً واجباً وذماما
يَسعَوْنَ بالأَبصار نحوَ سَرِيرِه … كالأرض تنشدُ في السماءِ غماما
يبكون موئلهم، وكهفَ رجائهم … والأريحيَّ المفضلَ المقداما
مُتسابقين إلى ثَراك، كأَنهم … ناديكَ في عزٍّ الحياة ِ زحاما
ودُّوا غداة َ نقلتَ بينَ عيونهم … لو كان ذلك مَحشراً وقِياما
ماذا لقيتَ من الرياساتِ العلا … وأخذتَ من نعمِ الحياة ِ جساما؟
اليوم يُغنِي عنك لَوْعَة ُ بائسٍ … وعَزاءُ أَرمَلَة ٍ، وحُزنُ يَتامى
والرأيُ للتاريخ فيك، ففي غدٍ … يزنُ الرجالَ، وينطقُ الأحكاما
يقضي عليهم في البرية ، أو لهم … ويُديمُ حَمداً، أَو يُؤيِّدُ ذاما
أَنت الحكيمُ، فلا تَرُعْكَ منيَّة ٌ … أَعلِمْت حيّاً غيرَ رِفْدِكَ داما
إنّ الذي خلقَ الحياة َ وضدَّها … جعلَ البقاءَ لوجههِ إكراما
قد عِشْت تُحدِثُ للنصارى أُلْفة ً … وتُجِدُّ بين المسلمين وئاما
واليومَ فوقَ مشيدِ قبرك ميتاً … وجدَ الموفقُ للمقال مقاما
الحقُّ أبلجُ كالصَّباح لناظرٍ … لو أَنّ قوماً حَكَّموا الأَحلاما
أَعَهِدْتَنَا والقِبْطَ إلاَّ أُمّة ً … للأَرض واحدة تَروم مَراما؟
نعلي تعاليمَ المسيحِ لأجلهم … ويوقِّرون لأجلينا الإسلاما
الدِّينُ للدَّيّانِ جلَّ جلالُه … لو شاءَ ربُّكَ وَحَّدَ الأَقواما
يا قومُ، بانَ الرُّشدُ فاقْصُوا ما جرى … وخُذوا الحقيقة َ، وانبذوا الأَوهاما
هذي ربوعكمُ، وتلك ربوعنا … مُتقابلين نعالج الأَياما
هذي قبوركمُ، وتلك قبورنا … مُتجاورينَ جَماجماً وعِظاما
فبحُرمة ِ المَوْتَى ، وواجبِ حقِّهم … عيشوا كما يقضي الجوارُ كراما