فُكّ حُرّاً للوَجدِ قيدَ البُكاءِ، – ابن المعتز

فُكّ حُرّاً للوَجدِ قيدَ البُكاءِ، … فاعذريني، أو لا، فمُوتي بدائي

لو أطعنا للصبر عندَ الرّزايا ، … ما عرفناه شدة ً من رخاءِ

أسرع الشيبُ مغرياً لي بهم ، … كانَ يَدعوه من أحَبِّ الدّعاءِ

ما لهذا المساء لا يتجلى ، … أحياءً منه ، سراج السماء

قرباه قربا عقال المطايا ، … واحللا غبها عقال الثواءِ

تُسعِدَنّ الأقدارُ جُهدي، وإلاّ … لم أمت في ذا الحيّ موت النساء

حُرّة ٌ قد يسترعِفُ المرءُ منها … مَنسِماً، أو مُستنعِلاً بالنّجاء

أُنفِذتْ في ليلِ التّمامِ، وحنّتْ … كحنينٍ للصّبِّ يومَ التّنائي

والدجى قد ينهضُ الصبحُ فيه ، … قائماً يَنشُرُ ثوبَ الضّياءِ

مَن لهمٍّ قد باتَ يُشجي فُؤادي، … ما له حالُ دمعتي من خفاءِ

إخوة ٌ لي قد فَرّقَتْهُمْ خطوبٌ، … عَلّمَتْ مُقلَتي طويلَ البُكاءِ

إن أهاجُوا بآلِ أحمدَ حرباً، … بينكم لا تحلبُوا في إنائي

وتحلوا عقدَ التملك منكم ، … بأكفٍ قد خضبت بالدماءِ

وخليلٍ قد كان مرعى الأماني ، … ورضى أنفسٍ وحسب الإخاءِ

غرقتني في لجة البين عنه ، … فتعلقت في حبال الرجاءِ

غير أنا من النوى في افتراق ، … ولقاءٍ تذكرنا في البقاءِ

وفراقُ الخليلِ قَرحٌ مُمِضٌّ، … وبه يعرفون أهل الوفاء

حاذق الود لي بما سرّ نفسي ، … كان طَبّاً، وعالماً بالشّفاء

مرسل الجود منه في كل سؤلٍ … يكلأ المجدَ بين عينِ السخاءِ

يَعرِفنّ المعروفَ طَبعاً، ويُثني … بِيدِ الجُودِ في عِنانِ الثّناءِ

يخفرنْ عزمه بقلبٍ مصيبٍ … يَتلظّى من فيه نارُ الذّكاءِ

يكتمنّ الأسرارَ منه ، وفيه ، … ككمونٍ للعودِ تحت اللحاءِ

وتُفَلُّ الخطوبُ منه برأيٍ، … قد جلاهُ بالعزمِ أيَّ جلاءِ

إن يَحُلْ مِن بَيني وبينكَ بينٌ، … فلكم من نأيٍ سريعِ اللقاءِ

ردّ عني تفويقَ سهمك ، حسبي … فيك ، أقصر تفويقَ سهم الدعاء

فبها يستحثُّ درُّ الأماني ، … وبها يُطْلَقَنّ كَيدُ العَنَاءِ

ربَّ يومٍ بعامرِ الكأسِ ظَلنا، … نُفرغنّ المُدامَ فيه بماءِ

في دُجى ليلِنا وطيِّ الحَواشي، … مُدنَفُ الرّيحِ في قَصيرِ النّقاءِ

تسقطنّ الأمطار حتى تثنى الـ … ـنور ، وابتل في جناح الهواء

فترى للغُدرانِ في كلّ خَفضٍ … مستقراً كمزنة ٍ في سماء

زمنٌ مرّ قَد مضَى بنعيمٍ، … وصباحٌ أسرّنا في مَساءِ

واجتمعنا بعد التنائي ، ولكن … لا يُري العالَمينَ عَينَ الرّخاءِ

أنا مُذ غِبتَ قد أروحُ وأغْدُو … مِن سرورِ الدّنيا بوِدٍّ خَلاء

لا أرى في الأنام جمع وفيٍ … وغَرورٍ. مخاتلٍ في وَفاءِ

فَضَماني إليكَ ذِكرٌ وشُكرٌ، … وعلى ربّ العرشِ حسنُ الجزاءِ