فَخْرُ الْبِلاد بِعَهْدهَا الْمُتَجَدِّد – خليل مطران

فَخْرُ الْبِلاد بِعَهْدهَا الْمُتَجَدِّد … سَيَظَلُّ مُقْتَرِناً بِذِكْرَى أَحْمَدِ

مَاذَا يُعَزِّي عَنْهُ أُمَّتَهُ وَهَلْ … لِلأُمِّ سَلْوى عَنْ فَتَاهَا الأَوْحَدِ

لَوْ فِي عُلاَهَا فَرْقَدانِ لَهَانَ مَا … تَلْقَى وَكَانَ لَهَا العَزَاءُ بِفَرْقَد

نَجْمٌ تَرَامَى النُّورُ مِنْ عَلْيَائه … فَأَضَاءَ آفَاقَ الزَّمَانِ الأَرْبَد

لأْلاَؤُهُ يَرْفَضُّ أَلْوَاناً وَفِي … ذَاكَ التَّشَعُبِ قُوَّةٌ لَمْ تُعْهَد

وَالعَبْقَرِيَّةُ قَدْ تُفَرِّقُ فِي حَلىً … شَتَّى مَظَاهِرِ وَحْيِهَا المْتُوَقِّد

عَجَبٌ وَمَوْرِدهُّنَّ مِنْهَا وَاحِدٌ … أَنْ يَخْتَلِفْنَ عَلَى اتِّفَاقِ الْمَوْرِد

وَالَهْفَ مِصْرَ عَلَى فَقَيدٍ رِزْءُهُ … رِزْءٌ إِذَا أَحْصَيْتُهُ لَمْ يُعْدَد

نَزَلَ الْقَضَاءُ بِه فَطَاحَ بِعَالِمٍ … مُتَفَوِّقٍ وَبِحَاسِبِ مُتَفَرِّد

وَبِمُنْشِيءٍ مَا صَاغَ إِلاَّ الْمُنْتَقَى … وَبِمُفْصِحٍ مَا قَالَ غَيْرَ الْجيِّد

وَبِمُحْكَمِ التَّدْبِيرِ يَرْعَى مَا رَعَى … قَصْداً وَيُسْرِفُ فِي الْعنَاءِ الْمُجْهَد

تُبْدِي لِعَيْنَيْهِ الأُمُورُ لُبَابَهَا … وَيُحَلُّ بَيْنَ يَدَيْهِ كُلُّ مُعَقَّد

نَاهِيكَ بِالشِّيَمِ الْحِسَانِ وَقِسْطِهِ … مِنْ كُلِّهَا قِسْطِ الأَعَزِّ الأَمْجَد

أَخْلاَقُ مُقْتَدِرٍ حَلِيمٍ حَازِمٍ … سَمْحٍ قَوِيمِ النَّهْجِ طَامِي الْمَقْصدِ

يَهدِي سَنَاهُ سَبِيلَ كُلِّ مُثَقَّفٍ … جَارَتْ بِهِ الدُّنْيَا فَلَيْسَ بِمُهْتَدِ

ويَصِيبُ مِنْهُ كُلَّ طَالِبِ نَجْدَةٍ … حَظّاً إِذَا مَا قِيلَ هَلْ مِنْ مُنْجِدِ

يَلْقَاكَ بِالْبِشْرِ الطَّلِيقِ وَأَنْتَ مِنْ … إِجْلاَلِهِ تِلْقَاءَ أَهْبَبَ أَصْيَدِ

مَا كَانَ أَسْكَتَهُ وَأَرْبَطَ جَأْشِهِ … فِي لَزْبَةِ الحَدَثٍ الْمُقِيمِ الْمُقْعَدِ

نَفَعَ الصِّنَاعَةَ وَالزِّرَاعَةَ بَاذِلاً … لِصَلاَحِ حَالِهِمَا يَداً تِلْوَ الْيَد

وَرَعَى مَعَاهِدَ الاقْتِصَادِ فَأَزهَرَتْ … وَقَضَتْ مُنىً بِعَدِيدِها الْمُتَعَدِّدِ

كَانتْ خَزَائِنُ مِصْرَ طَوْعَ بَنَانِهِ … وَمَضَى نَقِيّاً جَيبُهُ حُلْوَ الْيَد

إِلاَّ فُضُولاً مِنْ مُحَلِّلِ كَسْبِهِ … لَمْ تُحْتَسَبْ فِيْهَا مُعَاجَلَةُ الْغَد

لَوْلاَ النَّزَاهَةُ وَهْيَ أَغْلَى ذُخْرِه … مَا مَاتَ مُغْنِي الْقَوْمِ شِبْهَ مُجَرَّدِ

وارَحْمَتَا لِلْمُسْتَقِرِّ بِرِغْمِهِ … وَالْعَزْمُ بَيْنَ ضُلُوعِهِ لَمْ يَهْمُدِ

مِصْر الْهَوَى لَمْ بَلْهِهِ عَنْهَا هَوىً … فَإِذَا دَعَتْ لَبَّى وَلَمْ يَتَرَدَّدِ

أَدْمَى حَشَاهَا أَنْ يَجُودَ بِنَفْسِهِ … حُباً وَلَمْ تَمْلُك فِدىً لِلْمُفْتَدِي

قَبْلَ الأَوَانِ ثَوَى وَكَمْ مِنْ لَفْتَةٍ … يَوْمَ اسْتَقَلَّ لِفَاقِدٍ مُتَفَقِّدِ

سَارَتْ تُشَيِّعُهُ الْجُمُوعُ وَلَمْ يَكُنْ … فِيهَا سِوَى الْبَاكِي أَوِ الْمُتَنَهِّدِ

وَتَسَاوَتِ الطَّبَقَاتُ خَاشِعَةً فَلَمْ … يُرَ مَشْهَدٌ بِجَلاَلِ ذَاكَ الْمَشْهَدِ

يَا رَاحِلا أَتَتِ الْمَنِيَّةُ دُونَهُ … وَبِهِ النُّفُوسُ عَوَالِقٌ لاَ تُبْعَدِ

صِمْصَامُ قَوْمٍ أَغْمَدَتْهُ وَلَمْ يَكُنْ … أَيَّامَ حَاجَتِهِمْ إِليْهِ بِمُغَمَدِ

وَشِهَابُ أَوْجٍ عُطِّلَتْ عَلْيَاؤُهُ … مِنْ أَفْخَرِ الزِّيناتِ فِي الْمُتَقَلِّدِ

فِي الْحَقِّ أَنَّكَ نِمْتَ نَوْماً هَادِئاً … سَيَطُولُ أَمْ هَذَا غِرَارُ مُسَهَّدِ

وَرَحَمْتَ نَفْسَكَ أَمْ عَصَتْكَ فَأُسْقِ … طَتْ عَنْهَا تَكَالِيفُ الجِهَادِ السَّرْمَدِ

مَنْ ظَنَّ خِلْوَتَكَ الأَمِينَةَ حَوْمَةً … فِيهَا تُلاَقِي مَصْرِعَ الْمُسْتَشْهِدِ

سَتَعِيشُ بِاسْم فِي الْقُلُوبِ مُخَلَّدٍ … إِن كَانَ هَذَا الْجِسْمُ غَيْرَ مُخَلَّد

وَسَيَكْمِلُ إِبْنُكَ مَا بَدَأْتَ مُؤَيَّداً … بِرِعَايَةِ اللهِ الْعَلِّي الأَيِّدِ

يَا سرَّ أَحْمَدَ وَالْبَقَاءُ تَسَلْسُلٌ … مَاذَا تُسَامُ لِصَوْنِ أَكْرَمِ مَحتدَ

أَعْزِزْ عَلَى الْقُرَبَاءِ وَالبُعَدَاءِ أَنْ … تُمْنَى بِفَقْدِ أَبِيكَ مُنْذُ الْمَوْلِدِ

عِشْ لِلْحِمَى وَانْبُتْ نَبَاتاً صَالِحاً … وَانْبُغْ وَكُنْ زَيْنَ العُلَى وَالسُّؤْدَدِ