فَتكُ اللّواحظِ والقُدودِ الهِيفِ – صفي الدين الحلي

فَتكُ اللّواحظِ والقُدودِ الهِيفِ … أغرى السهادَ بطرفيَ المطروفِ

فجهلتُ تضعيفَ الجفونِ، وإنما … ضعفُ القلوبِ بذلكَ التضعيفِ

في كلّ يومٍ للواحظِ غارة ٌ … شُغِفَتْ بنَهبِ فُؤاديَ المَشغُوفِ

فتَرتْ وما فَتر القتالُ وأُضعِفَتْ، … وفعالها بالفتكِ غيرُ ضعيفِ

فلَئن سطَتْ أيدي الفِراقِ وأبعدتْ … بدراً تحجبَ نصفهُ بنصيفِ

فلكم نعمتُ بوصلهِ في منزلٍ … قد طابَ فيهِ مَربَعي ومَصيفي

فارقتُ زوراءَ العراقِ، وإن لي … قَلباً أقامَ برَبعِهِ المألُوفِ

فلأثنينّ إلى العراقِ أعنتي، … وأطيلُ في تلكَ الديارِ وقوفي

فيها بُدورٌ في خِلالِ مَضارِبٍ، … وشموسُ دجنٍ من وراءِ سجوفِ

فاقتْ بكلّ مقرطقٍ ومشنفٍ، … والحسنُ بينَ قراطقٍ وشنوفِ

فاتَ المرادُ، فبِتُّ أقرَعُ بَعدَهم … سنّي، وأصفُقُ، إذ نأيتُ، كفوفي

فرداً أُعَلَّلُ من لِقاهم بالمُنى ، … وأعيشُ بعدَ القومِ بالتسويفِ

فصلتْ ملازمة ُ السقامِ مفاصلي، … بيَدِ البُعادِ، وأنكَرَتْ تَعريفي

فعرفتُ بالحبّ المبرحِ مثلما … عرفتْ يدُ المنصورِ بالتصريفِ

فخرُ المُلوكِ، ونجمُها، وهلالُها، … غوثُ الطريدِ وملجأُ الملهوفِ

فكرٌ يدورُ في أمورِ مانه … طرفي، خبير في الزمانِ عروفِ

فَجرٌ، إذا ما الظّلمُ أظلَمَ لَيلُهُ، … جَلّى دُجاهُ بعَدلِهِ المَوصوفِ

فَرضٌ على أسيافِهِ وبَنانِهِ … بالعدّ رددهُ وصرفِ صروفِ

فتكَتْ يَداهُ بالنُّضارِ، فأتلَفَتْ … ماضمهُ من تالدٍ وطريفِ

فشعارهُ في الحربِ فلُّ مقانبٍ، … وصَنيعُهُ في السّلمِ بَذلُ أُلوفِ

فرَقَ الزّمانَ بحالَتَيهِ، فدَهرُهُ … يومانِ: يومُ ندًى ويومُ حتوفِ

فلذاكَ آنستِ الوقوفُ بربعهِ، … نارينِ نارِ وغى ً ونارِ مضيفِ

فهمٌ، ولكن في مسامعِ فهمه … صُمٌّ عن التّقييدِ والتّعنيفِ

فَنَدُ العواذِلِ في السّماحِ يَزيدُه … جوداً، ويرجفهم برغمِ أنوفِ

فلّ الجيوشَ بعزمة ٍ ملكية ٍ، … تغنيهِ عن خطية ٍ وسيوفِ

فصلُ القضا متتابعٌ لقضائهِ، … تلقى إليهِ أزمة ُ التشريفِ

فضلٌ بهِ فضلَ الأنامَ، وهمة ٌ … ركبَ العلوَّ بها بغيرِ رديفِ

فهُنا بنَظمِ حَديثِهِ مع أنّنا، … ما إن نَرومُ بهِ سوى التّشريفِ

فزنا بهِ الفوزَ العظيمَ من الردى ، … وأمِنّا في مَغناهُ كلّ مَخوفِ