في كلّ دارٍ عدوٌ لي أقاذعهُ – مهيار الديلمي

في كلّ دارٍ عدوٌ لي أقاذعهُ … وعاذلٌ أتَّقيهِ أو أصانعُهُ

وآمرٌ بسلوٍّ لا يطاوعني … قلبي عليهِ وناهٍ لا أطاوعهُ

يعيا بوجدي ولم يحملْ بكاهلهِ … ثقلي ولا ضمنتْ قلبي أضالعهُ

كأنَّني أوَّلَ العشاقِ طالَ لهُ … مغنى الأحبَّة ِ وارفضتْ دامعهُ

عابوا وفائي لمنْ اهوى وقدْ علموا … أنَّ الخيانة َ ذنبٌ لا أواقعهُ

وهلْ تصحُّ لمأمونٍ امانتهُ … يوماً إذا الحبُّ لمْ تحفظْ ودائعهُ

نعم وقفتُ على الأطلالِ أسألها … ما كلُّ مستخبرٍ تصغي مسامعهُ

وقدْ يجيبكَ وحيا منْ تخاطبهُ … وتفهمُ القولُ ممنْ لا تراجعهُ

وما رجوتُ بذاتِ البانِ منْ سفهٍ … دنوَّ منْ شسعتْ عنّي شواسعهُ

ما وقفتُ لبدرٍ غابَ أطلبهُ … جهلاً ولكنْ شفتْ عيني مطالعهُ

وكلُّ منْ فقدَ الأحبابَ ناظرهُ … مسرَّحُ الطَّرفِ في الآثارِ نافعهُ

وفي الظَّعائنِ خلاَّبٌ بموعدهِ … خلابة َ البرقِ لمْ تصدقْ لوامعهُ

مقنَّعٌ لثمُ الأبطالِ يحدرها … ذليلة ً ما تواريهِ مقانعهُ

ظبيٌ يسدُّ عنْ المرعى النُّفوسَ فقدْ … صارتْ حمى ً بالدَّمِ الجاري مراتعهُ

لا يقتضى عندهُ ثأرٌ ولا ترة ٌ … ولا يعابُ بحبنٍ منْ يقارعهُ

إنْ شاءَ أنكرَ أو إنْ شاءَ معترفاً … بالقتلِ لمْ يتعسَّفهُ توابعه

وكيفَ يجحدُ قتلاهُ إذا شهدتْ … خدَّاهُ بالدَّمِ أو باحتْ أصابعهُ

يا تاركي مثلاً في النَّاسِ منتشراً … تدورُ شائعة ً فيهمْ وشائعهُ

ما سلَّطَ اللهُ أجفاني على جلدي … إلاَّ ومحفوظُ سرِّي فيكَ ضائعهُ

منْ أحدثَ الغدرَ ديناً فاستننتْ بهِ … ومنْ أباحتكَ تعذيبي شرائعهُ

بلى هو الدَّهرُ مفطورٌ خلائقهُ … على الفسادِ وومجبولٌ طبائعهُ

أما ترى ملكَ الأملاكِ خاونهُ … عبيدهُ وعتتْ كفراً صنائعهُ

ثعالبٌ تتعاوى ساقها وعلٌ … لضيغمٍ لمْ تزعزعهُ زعازعهُ

ما قمتَ تزأرُ منها واحداً صمداً … إلاَّ وجبَّارَ ذاكَ الجمعِ خاشعهُ

رأوا ولاءكَ وسما في جباههمُ … فذُّلهمْ لكَ إنْ عزَّوا طوابعهُ

منْ كلِّ قلبٍ قسا والرِّقُ يخصمهُ … حتى يرقَّ ونعماكمْ تنازعهُ

وكيفَ تعصي رقابٌ أنتَ مالكها … ملكَ اليمينِ وسيفٌ أنتَ طابعهُ

وهلْ هباتكَ يبغيها مغالبة ً … منْ أنتَ واهبهُ أو أنتَ بائعهُ

عادوا وبسطة ُ أيديهمْ تثقَّلها … أغلالُ منَّكَ فيها أو جوامعهُ

يرعونَ ما أثمرَ البغيُ الذي غرسوا … والبغي معروفة ُ العقبى مصارعهُ

يلوذُ بالعفوِ منهمْ كلُّ ذو شممٍ … بأنفهِ بأسكَ المحذورُ جادعهُ

وحسبُ عاصيكَ ذلاًّ إذ صفحتَ لهُ … عنْ الجريرة ِ أنَّ الصَّفحَ شافعهُ

وأنتَ كالسَّيفِ لمْ ينضبْ بصفحتهِ … ماءُ الفرندِ ولمْ تسلمْ مقاطعهُ

راموكَ واللهُ رامٍ دونَ ما طلبوا … وهلْ يفرَّقُ شملٌ وهو جامعهُ

عوائدٌ لكَ تجري في كفالتهِ … لا يجبرُ اللهُ عظماً أنتَ صادعهُ

كمْ قبلَ ذلكَ منْ فتقٍ منيتَ بهِ … واللهُ منْ حيثُ يخفى عنكَ راقعهُ

ضاقتْ جوانبهُ واشتدَّ مخرجهُ … وأنتَ فيهِ رحيبَ الصَّدرِ واسعهُ

ردَّاً إليهِ وتسليماًلقدرتهِ … فيما تحاولهُ أو ما تدافعهُ

فهبْ عبيدكَ للمعطيكَ طاعتهمْ … فأنتَ في العفوِ عنْ عاصيكَ طائعهُ

واعطفْ عليهمْ فهمْ أنصارُ دولتكمْ … ببأسهمْ كلَّ خصمٍ أنتَ قامعهُ

يامنْ إذا قالَ هلْ في الأرضِ منْ ملكٍ … سوايَ لمْ يرَ مخلوقاً ينازعهُ

منْ ماتَ منْ قومكَ الصِّيدِ الكرامِ فقدْ … احياهُ ذكركَ وابتلَّتْ مضاحعهُ

ومنْ على الأرضِ منهمْ سيِّدٌ ملكٌ … فأنتَ خافضهُ أو أنتَ رافعهُ

اللهُ سربلكمْ بالملكِ مصلحة ً … للعالمينَ فمنْ ذا عنكَ نازعهُ

وهلْ يقوَّضُ بيتٌ منْ رجالكمْ … عمادهُ وبأيديكمْ مجامعهُ

فركنُ دولتكمْ بالأمسِ أوَّلهُ … وأنتَ يا ركنَ دينِ اللهِ رابعهُ

ماتَ الملوكُ على عصيانهمْ كمداً … بهِ فكاتمُ داءٍ أو مذايعهُ

تمضي على حكمهِ الأفلاكُ دائرة ً … فكلُّ سعدٍ جرى فيهنَّ طالعهُ

وكنتَ سيفهمَ والمجدُ مرهفهُ … صقلاً وتاجهمُ والفخرُ راصعهُ

أجراهمُ والقنا كابٍ وأكرمهمُ … يداً إذا جودهمْ سالتْ ينابعهُ

ما أبحرُ الأرضِ منْ بحرٍ تمدُّ بهِ … إلى العفاة ِ يداً إلاَّ رواصعهُ

وكلُّ رزقٍ ترى الأقدارَ ضيِّقة ً … بهِ فعندكَ مسناة ُ وسائعهُ

كأنَّ مالكَ شخصٌ أنتَ مبغضهُ … فأنتَ مقصيهِ بالجدوى وقاطعهُ

آثارُ جودكَ فيمنْ أنتَ منهضهُ … آثارُ بطشكَ فيمنْ أنتَ صارعهُ

إنْ شمتَ وجهكَ راقتنا روائقهُ … أو شمتَ سيفكَ راعتنا روائعهُ

فلا قرارَ لمالٍ أنتَ باذلهُ … ولا انزعاجَ لثغرٍ أنتَ مانعهُ

تضجُّ باسمكَ ما قامتْ منابرهُ … على الرَِّشادِ وما ضلَّتْ صوامعهُ

حتى ترى الشِّركَ والإيمانَ ما اختلفا … ملكاً وما الفلكُ الدَّوَّارُ قاطعهُ

موَّحدُ الملكِ لا تدعى بتثنية ٍ … إلاَّ بنيكَ وشبلُ اللِّيثِ تابعهُ

كواكبٌ تستمدُّ النَّورَ منْ قمرٍ … على جبينكَ ساريهِ وساطعه

فلا خلتْ ابداً منها مواضعها … منَ السَّماءِ ولا منهُ مواضعهُ

وزاركَ المدحُ في أبهى معارضهِ … مطرِّزاً باسمكَ العالي وشائعهُ

يختالُ بينَ يدي نعماكَ مائسهُ … حسناً ويستعبرُ الأنفاسَ رادعهُ

منْ كلِّ عذراءِ مخلوعٍ إذا برزتْ … فيها العذارُ وما إنْ ليمَ خالعهُ

يستوقفُ الرِّاكب الغادي لحاجتهِ … فيلفتُ الرأسَ أو تلوى أخادعهُ

يستقصرُ المنشدُ التَّالي طوائلها … كأنَّ أبياتَ ما يروي مصارعهُ

مستصعباتٌ على الرَّاقي أراقمها … إلاَّ الذي أنا حاويهِ وخادعهُ

يأتي على الصدِّ منكمْ والملالِ لها … وصلٌ يواليهِ أو شوقٌ ينازعهُ

ما إنْ رأتْ قبلكمْ فيمنْ يتاجركمْ … تجارة َ الجودِ منْ خاستْ بضائعهُ

والمهرجانُ بأنْ ترعى وسائلهُ … منها جديرٌ وأنْ تزكى ذرائعهُ

ذاكَ الرَّجاءُ لهذا اليومِ منتظرٌ … فاصنعْ بحكمِ العلا ما أنتَ صانعهُ

واعلمْ لكَ المجلسُ المعمورَ ساجدهُ … يعنو لوجهكَ إعظاماً وراكعهُ

أنَّى بقيتْ لهذا الشِّعرِ مذعنة ٌ … آياتهُ لي وحدي أو بدائعهُ

وإنْ سمعتَ بشيءٍ لستُ قائلهُ … فلا تعرِّجْ على ما أنتَ سامعهُ