فديتك من ظبي وان لم ترد قربي – أحمد فارس الشدياق

فديتك من ظبي وان لم ترد قربي … ولم تحن من شكو ولم تدن من عتب

تعاملني بالهجر من غير موجب … وتبدهني باللوم في غير ما ذنب

وان كنت تجفوني فانك مالك … فما لك لا تنفك عن خصلة العجب

ومالي ارى الواشين بي بك احدقوا … وكلهم والله ينطق بالكذب

يرومون اني ضائع الاجر في الهوى … واصبح من بعد التصبر في تلب

فلا والذي اولاك ذا الحسن لم يزل … مثالك في طرفي وحبك في لبى

لئن ضقت ذرعا بالصدود فكلما … عراني وجد فيك قلت على الرحب

وما كنت ادرى قبل عشقك ان لي … عدوين مخفيين في الماق والخلب

فهذا متى ثار الجوى حادم اللهب … وذاك متى جار الهوى دائم السكب

ومن دون نحب منك يقضى لمغرم … حمام وكم نحب يؤول الى نحب

ومن عجبي ان ليس يرضيك في الهوى … تطوع قلب دون غزو ولا حرب

ولكنما تبغى مع الحسن شهرة … بان للصغير اليوم عزة من يسبى

ولو لم يكن مشهور لحظك صارما … لما صرت مشهورا لدى الناس في الحب

وسائل دمعي قد نهرت ولم يمل … فؤادك نهر منه صب على صب

ولا نار اشواقي الانت حديده … ولا كل ما عانيته فيك من طبي

ولكنما ربي قضى لك بالتي … تطيب بها نفسي ويصبو لها قلبي

قضى بيننا بالفرق منذ فتنتني … فجسمي في محل وجسمك في خصب

وطرفي لا يغفى وطرفك ناعس … وقلبك في امن وقلبي في رعب

وان كان دابى ان اجافي من جفا … فاني منقاد لما قد قضى ربي

اذل لذي حسن واعنوا لذي حجا … وامدح من يحويهما مصطفى وهبي

كريم السجايا لن ينال مثاله … فتى ليس في كسب المعالي بذي داب

اضآت لنا اقواله وفعاله … دياجي اوقات تمخضن بالكرب

واسفاره اللاءى طبعن بضبطه … وتصحيحه اسفرن في الشرق والغرب

اقر له الناؤون بالفضل والذي … يدانيه يستفتيه في مشكل الكتب

مساعيه قد جلت وافعاله زكت … فكانت على اطراء مادحها تربى

فما ورد الوراد منهل ناجر … الذ واحلى من جني لفظه العذب

ولا اتسعت للخير فيحاء مثلما … ترى اعين الراجين في صدره الرحب

لعمرك ما تدنو المعالي لمولع … بلهو ولا تزكو المساعي لذي لعب

ولكن لمن يسعى ويدأب عمره … وان يدع للجلى يكن ايما ندب

الم تر مما سنه مصطفى لنا … مثالا على ان اللذاذة في الصعب

الم تره قد جد في العلم وانتهى … الى امد منه بعيد عن الصحب

الم تر ارباب المعارف عولت … عليه ومنهم عارف شرف العرب

تحرى غناء الناس في نظم لجنة … تجدد رسم العلم في سالف الحقب

فان يك نظم يستجاد فنظمه … ودعني من نظم على حانة الشرب

وان حق اطراء لمن ينفع الورى … فاطراؤه حق على كل ذي لب

فلولا مساعيه الحميدة اوشكت … مآثر اهل الفضل ترمس في الترب

إذا الخلق طرا باللوم فحبذا … غذاء به الارواح تنمو بلا نحب

بداهته تجلو لنا كل مشكل … وتدبيره يغنى عن السمر والقضب

واقلامه تلك النحيلة كم شفت … سقيم زمان بعد يأس من الطب

فان ترها ظمأى لنقس فانها … لتروى فتغنى القوم عن لغب الغب

تفجر منها كل ينبوع حكمة … فتهدى الى ما فيه كسب رضى الرب

فدعني من ابهام قول موارب … وصرح بمدح في علاه فذا حسبي

لقد كان ابهام الكلام يضلني … ويسلك بي يا رب غوثك في ردب

على انني ما زلت مذ صرت كاتبا … احاذر مهما اسطعت غائلة العقب

وما كان ابغاض الخليل بهين … على ولا اغضب ذي الفضل من كسبي

وان تسأل الركبان عني تجدهم … يملون عن عهدي ويملون عن حبي

ولكنما يكبو الفتى وهو سابق … وينخدع اللب المحاذر للخب

وهذا زمان لا يسامح من هفا … وليس يعافى من تجافى عن الشغب

امنت سهام المعتدين وانما … ابى الله الا ان اصاب من الغرب

فلله مصر معدن الفضل والوفا … ومطلع انوار العلوم بلا حجب

كأن بها النيل المبارك والد … مرب فكل في المحاسن كالترب

تجمعت الآداب فيها فان تجد … اديبا لبيبا فهو في ارضها ربي

سرى في جميع الارض سارى ثنائها … فاعجب من يروى واطرب من ينبى

بها ما يسر النفس من كل بغية … فمن ادب غض ومن كرم الادب

واشوق ما فيها مديح عزيزها … فذاك الذي كل امرء نطق يصبى