فاخري أيّتها الدارُ النجوما – حيدر بن سليمان الحلي

فاخري أيّتها الدارُ النجوما … هنَّ في الضوء، وفي الجوِّ الغيوما

ونعم أنتِ بآل المُصطفى … معدنُ الفخر حديثاً وقديما

لم تلد أمُّ المعالي منهم … فيكِ إلاّ واضحَ الوجه كريما

معشرٌ طابوا فروعاً في العُلى … وزكوا في طينة المجد أُروما

فُقدَ المعروف إلاّ عندهم … وغدا الدهرُ ـ وحاشاهم ـ لئيما

وكفاهم «بأبي المهديّ» فخراً … حيثُ أضحى لهم اليومَ زعيما

المحيّا عند بذل الجودِ وجهاً … صاحياً، والمُرتجى كفًّا مُغيما

تخجلُ المزنُ إذا ساجَلها … بيدٍ أرطبَ منهنَّ أديما

وتموتُ الشهبُ إن قابلها … بمحيًّا يكشفُ الليلَ البهيما

ليمَ في الجود، ولا جودَ لمن … لم يكن بين الورى فيه ملوما

وكريمُ الطبع مَن لم يتغيّر … طبعه في عذل من أضحى لئيما

ليس يثني الغيمَ عذلٌ فمتى … ينثني من علَّم الجودَ الغيوما

هممٌ لو عن مدى ً زاحمَها … منكبُ الدهرِ لردَّته حطيما

عادَ مرعى الفضل مخضرًّا به … وهو لولا جودُه كان هشيما

تُحمدُ الناسُ فان جاء به … لم نجد أحمدَهم إلاّ ذميما

ما بصلب الدهرِ يجري مثلُه … إذ على ميلاده صارَ عقيما

هو في أجفانه ثاني الكرى … قرَّة العينين منه أن يدوما

من أناسٍ ركبوا ظهرَ العُلى … وجروا في حلبة الفخر قديما

هم أقاموا عمدَ العليا وهمٍ … شرعوا فيها الصراطَ المستقيما

ذهبوا بيضَ المجالي طيبي … عُقدِ الأَزرِ مصاعيباً قُروما

وتبقّوا مِن بنيهم لعُلاهم … زينة َ في نحرها عِقداً نظيما

كأبي الهادي ذي الفضل ومَن … في معاليه لهم كان قسيما

ذلكَ الندب أخوه من برا … ه ربُّه من عنصر المجدِ كريما

ورضى العليا ومن غير الرضا … من عظيمٍ يدفعُ الخطبَ العظيما

ذكره بين الورى يهدي شذاً … عطّرت نفحة ُ ريّاه النسيما

وأخيه مصطفى الفخرِ الذي … لم تزل طلعتهُ تجلو الهموما

وكنجم الشرفِ الهادي إلى … بيتِ جدواه لمن نصَّ الرسوما

وأمينٍ ذي النهى َ من لم يزل … سالكاً نهجاً من التقوى قويما

كرماءٌ لا تُبارى كرماً … حُلماءٌ تزنُ الشمَّ حُلوما

كم دعتهم للقوافي ألسنٌ … تركت قلبَ أعاديهم كليما

يا نجوماً في سما المجد زهت … ويسرُّ المجدَ قولي يا نجوما

للعُلى أنتم مصابيحٌ كما … لشياطين العِدى كنتم رُجوما

قد أقرَّ الله منكم أعيناً … كم لحظتم بالغِنى فيها عديما

وحباهم فرحة ً تشملهم … والمحبين خصوصاً وعموما

ذهبَ الروع الذي غمَّ وقد … جاءت البشرى التي تنفي الغُموما

واستهلَّ السّعدُ في أبياتِكم … فاكتست من حُللِ الزهور قوما

بالفتى “عبد الكريم” المجتبي … وأمين الفضل من طاب أُروما

قد لعمري سُنن الحجّ لها … ما رأت مِثلهما أمسِ مُقيما

قيل نخشى لهما يدنو البلى … قلت لا يدنو وإن كان عظيما

فهما من أُسرة ٍ في برِّهم … يُدرءُ الخطبُ وإن كان جسيما

فحجيجُ البيتِ لمّا أنزل الله … فيهم ذلك الرجزَ الأليما

فعن الباقين منهم كرماً … بهما قد صرفَ الريحَ العقيما

فحطيمُ البيتِ لو لم يشهداه … كلُّ مَن قد أمّه أضحى حطيما

آل بيت المصطفى حيتكُمُ … غادة ٌ تجلو لكم وجهاً وسيما

أقبلت زهواً تهنّيكم بما … زاد مَن يحسدُ علياكم وجوما

فبقيتم في سرورٍ أبداً … ولكم لا برحَ السعدُّ نديما