غيرُ قلبي أراهُ يسطيعُ صبرا – مصطفى صادق الرافعي

غيرُ قلبي أراهُ يسطيعُ صبرا … وسوى علتي من الحبِّ تبرى

أنا لم يبقَ بينَ جنبيَّ إلا … كبدٌ من لوعةِ الشوقِ حرَّا

فدعوا اللومَ إنما هو لؤمٌ … وقديماً ولدتْ والعينُ عبرى

ما عليكم من الغرامِ إذا ما … كانَ حلوَ المذاقِ أو كانَ مرَّا

إن تكنْ تصغرُ المصئبُ فالنف … سُ ترى فيكم المصائبُ كُبرى

كرجالِ الوباءِ في طلعةِ الطا … عونِ أيامَ زلزلَ الويلُ مصرا

سفهاءُ كمثلِ ما افتضحَ العر … ضُ لئامٌ كالعسرِ لم يبقِ يسرا

والذي أثقلَ الرواسي أني … لأرى ظلكم على الأرضِ صخرا

لا يغرَّنَّ من يلومني الصم … تُ فإني رأيتُ في الصمتِ أجرا

أإذا نالَ من كريمٍ سفيهٌ … أتقيموا لهُ السفاهةَ عذرا

ليتَ هذا الزمانَ يرجعُ يوماً … من زمانِ الصبا ويأخذ عمرا

يومَ كانَ الفؤادُ كالروضةِ الغنا … ءِ تجني يد الهوى منهُ زهرا

والليالي كالطيرِ ناحتْ فخلنا … ها تغني وهنَّ يبكينَ قسرا

والأماني على الهوى حائماتٌ … مثلَ سربِ القطا إذا جئنَ نهرا

وإذا همَّ أن تنولني يمنى يدي … هِ همتْ بسلبي يسرى

أنا يا دهرُ لم أسئْ لكَ يوماً … فلماذا أساءني الهمُّ دهرا

قد رآني مما تحمَّلَ صدري … لو أتاني السرورُ لم يلقَ صدرا

ولعمري لم أمشِ في الأرضِ إلا … قامَ بي أن تحتَ رجليَّ قبرا

يا نجومَ السماءِ ما لكِ تزهي … نَ كلانا قد باتَ يعشقُ بدرا

إن تعيني على همومِ الليالي … فاحملي شطرها وأحملُ شطرا

أجدُ الهمَّ كلما نقصتهُ … ساعةً بالرجاءِ زادتهُ أخرى

وبنا حسرةٌ تزجُّ لها الأر … ضُ فهل أنتِ في سمائكِ حَسْرى

ما على من هويتِ لو حملَ البر … قَ سلاماً واستودعَ الريحَ سرا

هو أدرى بما أحاولُ منهُ … وأنا بالذي يحاولُ أدرى

ألفَ الصدَّ والتجافي غدراً … وأذى الصب والتجني كبرا

من يحييهِ والنسيمُ إذا هبَّ جفا … ني والصبحُ أطولُ هجرا

وصحابي إذا افتقرتُ إليهم … زادنب الأغنياءُ عني فقرا

خلقَ اللهُ ذا الجمالَ متاعاً … غيرَ أنَ الجميلَ بالتيهِ مَغْرى

وأرى الصدَّ لذةً وشقاءً … ومن النفعِ ما إذا زادَ ضرَّا

فاحذري يا نجومُ بدركِ إني … أجدُ الحسنَ صارَ في الناسِ سرا