غصن بان فوقه البدر بدا – عبدالغني النابلسي

غصن بان فوقه البدر بدا … أم غزال راح يغزو أسدا

أم مليح يتثنى مرحا … حيث أضحى بالبها منفردا

صنم الحسن الذي لم يره … عاشق الإله قد عبدا

يا له بحر جمال عطفه … موجه بالجسم يرمي زبدا

نار خديه مجوسي الهوى … ما رآها قط إلا سجدا

وإذا ما ظهرت من وجهه … حضرة الغيب طلبنا المددا

صار جهلي غيره معرفة … صار غي وضلالي رشدا

آه من قسوته مع شغفي … في هواه وهوى الغيد ردى

قلت يا مولاي جد لي كرما … بوصال قال لا لا أبدا

قلت فالوعد به تسلية … قال يحتاج يفي من وعدا قلت فاسمح بخيال في الكرى قال لي مالك طرف رقدا

قلت ما تفعل بي حينئذ … قال ما أختاره طول المدى

قلت خذ روحي فقال الروح لي … خل دعواها وهات الجسدا

واترك الأمر إلى مالكه … إن للمحبوب في الحب يدا

كل من يعشق وجها حسنا … لا يرى إلا البلا والنكدا

فاصطبر إن شت أو شت فمت … كم علينا ذاب جلد جلدا

أما موسى العشق ربي أرني … بك أن أنظر ظبيا شردا

لاح لي جمر على وجنته … كلما أدنو إليه بعدا

فلعلي منه ألقى قبسا … أو يرى قلبي على النار هدى

قم تأمل أيها الغافل لم … يخلق الرحمن ذا الحسن سدى

وتعرض لهواه فلقد … جاء من ناحية الستر ندا

وإذا لامك من ليس له … نظر فاخرب عليه البلدا

أين أهل اللوم من أهل الهوى … ما المحبون يساوون العدا

كلما أرشف سمعي عاذلي … مر لومي زدت في الحب صدى

فكأن العذل منه طلب … لهيامي بلسان عقدا

أيريد الغر أن يصلح من … حال أهل العشق ما قد فسدا

إنما أهل الهوى مرآته … وهو فيهم حاله قد شهدا

ثم لما أشكل الأمر رمى … نفسه من جهله وانتقدا

وادعى العشق فلم يحصل له … وعلى أهل الهوى قد حقدا

قام فيهم يكثر اللوم لهم … أو لم يخش الإله الصمدا

هبه لا يعرف لذات الهوى … حسن محبوب فؤادي جحدا

إن قلبي اليوم في أسر رشا … لا يرى للقتل عشقا قودا

وجهه الجنة في أعيننا … خده النار بقلبي وقدا

لم يزل يجفو وأبليت على … حبه أثواب عمري الجددا

ولكم أفنيت جسمي سقما … وتنفست عليه الصعدا وإذا في حبه مت فقد عشت بعد الموت عيش السعدا

يا سقى الله زمانا بالحمى … ورعى بالشعب عيشا رغدا

طالما كنت به طوع هوى … لم أخف في نهب وقتي أحدا

حيث غزلان النقا قد أنست … بي وبعد المنع أولتني ندا

وكحلت العين بالعين وما … بعدها عدت شكوت الرمدا

حيث أقمار البها طالعة … تتجلى ولها الروح فدا

وغصون البان لما انعطفت … طائر القلب عليهن شدا

حيث وجه السعد فينا مقبل … بالهنا والهم عنا طردا

وكؤوس الأنس بالقوم صفت … وبنا الورد إليه وردا

في رياض ضحك الزهر بها … كلما السحب بكت قطر الندى

هزت النسمة من أغصانها … حين جلتها قنا مرتعدا

فلهذا كبر الطير وقد … لبس النهر علينا زردا

والصبا يذكرنا عهد الصبا … ليت بالأمس لي كان غدا

ليت لو جاد زماني بالذي … كان منه قبل ذا قد عهدا

يا أصيحابي بأكناف الحمى … عللاني إن صبري فقدا

واذكرا لي سندا أعرفه … لست ألقى لي سواه سندا

نفد الدمع على جفوته … واشتياقي والجوى ما نفدا

هو في القلب مقيم بل أنا … هو لا بل هو دوني وجدا

كذب القائل قد حل به … والذي قد قال فيه اتحدا

إنما المعشوق موجود ولا … عاشق غير التباس قصدا

لي هوى بالشعب من كاظمة … ساكن هذا الحشى والكبدا

وأنا اليوم به مشتهر … فليمت ضدي ويبلى حسدا

أنا مفتي العشق من يسألني … عن هواه يلقني مجتهدا

أنا قاضي شرع أرباب الهوى … كل حكم بينهم لي حمدا

فالذي أمنعه يشقى ومن … أجعل الحق له قد سعدا

غير أني في أناس جهلوا … ما أنا في شأنه والجهل دا