عُودِي بِوَصْلٍ، أَوْ خُذِي مَا بَقِي – محمود سامي البارودي

عُودِي بِوَصْلٍ، أَوْ خُذِي مَا بَقِي … فَقَدْ تَدَاعَى الْقَلْبُ مِمَّا لَقِي

أَيُّ فُؤَادٍ بِكِ لَمْ يَعْلَقِ … وأَنْتِ صِنْوُ الْقَمَرِ الْمَشِرقِ ؟

عَلَّمْتِنِي الذُّلَّ، وَكُنْتُ امْرأً … أَفْعَلُ مَا شِئْتُ، وَلاَ أَتَّقِي

فَارْحَمْ فُؤَاداً أَنْتَ أَبْلَيْتَهُ … ومُقْلَهً لَوْلاَكَ لَمْ تَأْرقِ

لَمْ أَدْرِ حَتَّامَ أُقَاسِي الْجَوَى … يا وَيْحَ قَلْبِى مِنْكَ مَاذَا لَقى ؟

‍‍‍‍‍‍إِذَا تَذَكَّرْتُكَ فى خَلْوَة ٍ … هَوَتْ بِدَمْعى زَفْرَة ٌ تَرْتَقى

تَاللهِ ما أَنْصَفَ مَنْ لاَمَنى … فِيكَ ، وهَل لَوْم عَلى مُشْفِقِ ؟

وكَيْفَ لاَ أَعْشَقُ منْ حُسْنُهُ … يَدْعُو إِلى الصَبْوة ِ قَلْبَ النَقى ؟

لَكَ الْجَمَالُ التَّمُّ دُونَ الْوَرَى … ولَيْسَ لِلْبَدْرِ سِوى رَوْنَقِ

فَاعْطِفْ علَى قَلْبٍ بِهِ لَوْعَة ٌ … يَنْزُو لَهَا فِي الصَّدْرِ كَالزِّئْبَقِ

يَكَادُ يَرْفَضُّ هَوًى كُلَّمَا … لاَحَ لَهُ الْبَرْقُ مِنَ الأَبْرَقِ

حِمى بِهِ ما شِئْتِ مِنْ صَبْوَة ٍ … لَوْ كَانَ فِيهِ منْ يَفى ، أَو يَقى

حَاطَتْ بِهِ الْفُرْسانُ حُورَ الْمهَا … يَا مَنْ رَأَى الرَبْرَبَ فى الْفَيْلَقِ

مِنْ كُلِّ هَيْفَاءَ كَخُوطِ الْقَنَا … بِلَحظة ٍ كالَّلهذمِ الأزرقِ

تَخْطِرُ فِي الْفَيْنَانِ مِنْ فَرْعِهَا … فَهى ِ على التمثيلِ كالبيرقِ

أرنو إليها وهى َ فى شأنِها … كَنَظْرة ِ الْعَانِي إِلَى الْمُطْلَقِ

فَما تَرانِى صانِعاً وهِى لا … تَسْمَعُ مَا أَسْرُدُ مِنْ مَنْطِقِي؟

يا ربَّة َ القُرطَقِ هَل نَظرة ٌ … أحيا بِها ؟ ياربَّة َ القُرطَقِ

إِنْ كَانَ يُرْضِيكِ ذَهَابُ الَّذِي … أبقيتِ مِنِّى ، فَخُذى ما بَقِى

لم تُبقِ مِنِّى صَدَماتُ الهوى … غَيْرَ صَدًى بَيْنَ حَشاً مُحْرَقِ

قَدْ كُنْتُ قَبْلَ الْحُبِّ ذَا تُدْرَإٍ … أقتَحِمُ الهولَ ولَم أفرَقِ

فَالْيَوْمَ أَصْبَحْتُ عَدِيمَ الْقُوَى … يَسبِقُنى الذَرُّ ولَم ألحَقِ

والحبُّ مُلكٌ نافِذٌ حُكمُهُ … مِنْ مَغْرِبِ اْلأَرْضِ إِلَى الْمَشْرِقِ

فَلْيَقُلِ الْعَاذِلُ مَا شَاءَهُ … فَالْعِشْقُ دَأْبُ الشَّاعِرِ الْمُفْلِقِ

لَوْ لَمْ أَكُنْ ذا شِيمَة حُرَّة ٍ … لَمْ أَقْرِضِ الشِّعْرَ، وَلَمْ أَعْشَقِ