عَفَا النّسْرَانِ بَعدَكَ وَالوَحيدُ – جرير

عَفَا النّسْرَانِ بَعدَكَ وَالوَحيدُ … وَلا يَبْقى َ لجِدّتِهِ جَدِيدُ

و حيتُ الديارُ بصلبِ رهبيَ … و قدْ كادتْ معارفها تبيدُ

ألمْ يَكُ في ثَلاثِ سِنينَ هَجْرٌ، … فقد طالَ التجنبُ والصدودُ

لعزَّ على َّ ما جهلوا وقالوا … أفي تَسْلِيمَة ٍ وَجَبَ الوَعِيدُ

وَلمْ يَكُ لَوْ رَجَعْتَ لَنَا سَلاماً … مَقالٌ في السّلامِ وَلا حُدودُ

أمِنْ خَوْفٍ تُراقَبُ مَنْ يَلِينَا … كأنكَ ضامنٌ بدمٍ طريد

تَصَيّدْنَ القُلُوبَ بِنَبْلِ جِنٍّ … و نرمي بعضهنَّ فلا نصيدُ

بأودٍ والأيادِ لنا صديقٌ … نأى عنكَ الأيادُ وأينُ أودُ

نظرنا ناَ جعدة َ هلْ نراها … أبُعْدَ غَالَ ضَوْءكِ أمْ هُمِودُ

لحبَّ الوافدانِ إلى َّ موسى … و جعدة ُ لوْ أضاءهما الوقود

تَعَرّضَتِ الهُمُومُ لَنَا فَقَالَتْ … جُعَادَة ُ: أيّ مُرتْحَلٍ تُريدُ

فقلتُ لها الخليفة ُ غيرَ شكٍ … هُوَ المَهْديّ، وَالحَكَمُ الرّشيدُ

قَطَعْنَ الدّوّ والأدَمَى إلَيكُمْ … وَمَطْلَبُكُمْ مِنَ الأدمى َ بَعيدُ

نظرتُ منَ الرصافة ِ أينَ حجرٌ … ورَمْلٌ بَيْنَ أهْلِهِمَا وَبيدُ

بها الثيرانُ تحسبُ حينَ تضحى … مَرَازِبَة ً لَهَا بِهَرَاة عِيدُ

يَكُونُ بحَمْلِهِ طَلْعٌ نَضِيدُ … عِصيّ الضّالِ يَخبِطُهُ الجَلِيدُ

وَقَدْ لَحِقَ الثّمَائِلُ بَعدَ بُدْنٍ … وَقَدْ أفنى عَرَائِكَها الوُخُودُ

نُقِيمُ لهَا النّهارَ، إذا ادّلَجْنَا، … وَنَسْري وَالقَطَا خُرُدٌ هُجُودُ

وَكمْ كُلّفُنَ دونَكَ من سُهوبٍ … تَكِلّ بهِ المُوَاشِكة ُ الوَخُودُ

إذا بَلَغُوا المَنازِلَ لم تُقَيَّدْ، … وَفي طُولِ الكَلالِ لهَا قُيُودُ

وَأعْلَمُ أنّ إذْنَكُمُ نَجَاحٌ، … وَأنّي إنْ بَلَغْتُكُمُ سَعِيدُ

و تبدأُ منكم نعمٌ علينا … و إنْ عدنا فمنعمكم معيدُ

تزيدونَ الحياة َ إلى حبا … و ذكرٌ منْ حبائكمُ حميدُ

لَوَ أنّ الله فضّلَ سَعْيَ قَوْمٍ، … صفتْ لكمُ الخلافة ُ والعهود

عَلى مَهَلٍ تَمَكّنَ في قُرَيْشٍ … لكمْ عظمُ الدسائعِ والرفودِ

هشامُ الملك والحكمُ المصفى َّ … يطيبُ إذا نزلتَ بهِ الصعيد

يَعُمّ عَلى البَرِيّة ِ مِنْكَ فَضْلٌ … و تطرقُ منْ مخافتكَ الأسودُ

و إنْ أهلُ الضلالة ِ خالفوكمْ … أصَابَهُمُ كَمَا لَقِيَتْ ثَمُودُ

وَأمّا مَنْ أطاعَكُمُ فيَرْضَى ، … وَذُو الأضْغانِ يَخضَعُ مُسْتَقِيدُ

وَتَأخُدُ بالوَثيقَة َ ثُمّ تَمْضِي … إذا ازدحمتْ لدى الحربُ الجنودِ

لكمْ عندي مشايعة ٌ وشكرٌ … إلى مدحٍ يراحُ لهُ النشيد

بَني مَرْوَانُ بَيْتَكَ في المَعَالي … وَعَائِشَة ُ المُبَارَكَة ُ الوَلُودُ

و أورثكَ المكارمَ في قريشٍ … هشامٌ والمغيرة ُ والوليد

وَفي آلِ المُغِيرَة ِ كانَ قِدْماً، … و في الأعياصِ مكرمة ٌ وجودُ

وَمِنْ ذُبْيانَ تَمّ لَكُمْ بِنَاء … عَلى عَلْياء ذُو شَرَفٍ مَشِيدُ

وَإن حلَبَتْ سَوَابِقُ كُلّ حَيٍّ … سبقتَ وأنتُ ذو الخصلِ المعيدِ

فَزَادَ الله مُلكَكُمُ تمَاماً، … مِنَ الله الكَرَامَة ُ وَالمَزِيدُ

فيابنَ الأكرمينَ إذا نسبتمْ … و في الأثرينَ إنْ حسبَ العديدُ

شققتَ منْ الفراتِ مباركاتٍ … جَوَارِيَ قَدْ بَلَغْنَ كَمَا تُرِيدُ

وَسُخّرَتِ الجِبَالُ وَكُنّ خُرْساً … يُقَطَّعُ في مَنَاكِبِهَا الحَدِيدُ

بلغتَ من الهنئِ فقلتَ شكراً … هناكَ وسهلَ الجبلُ الصلودُ

بها الزيتونُ في غللٍ ومالتْ … عَنَاقِيدُ الكُرُومِ فهُنّ سُودُ

… فَقالَ الحاسِدونَ: هيَ الخُلُودُ

يَعَضّونَ الأنامِلَ إنْ رَأوْهَا … بساتيناً يؤازرها الحصيدُ

و منْ أزواجِ فاكهة ٍ ونخلٍ … يكونُ بحملهِ طلعٌ لضيدُ

تَهَنّأ للخَلِيفَة َ كُلُّ نَصْرٍ … وَعافِيَة ٍ، يَجيء بها البَريدُ

رضينا أنَّ سيبكَ ذو فضولٍ … و أنكَ عنْ محارمنا تذودُ

و أنكمُ الحماة ُ بكلَّ ثغرٍ … إذا ابتلتْ منَ العرقِ اللبودُ