عَذِيرِي مِنْ ضَنَى الْقَلْبِ الْحَزِينِ – خليل مطران

عَذِيرِي مِنْ ضَنَى الْقَلْبِ الْحَزِينِ … عَلَى الإِلْفِ المُفَارِقِ مَكْسَوينِي

جوادٌ شَاخَ فِي طَلَبِ المَعَالِي … وَلَكِنْ مُهْراً فِي عُيُونِي

أُرِيدُ بَقَاءهُ وَ الدَّهْرُ آبٍ … عَلَيَّ بَقَاءَهُ فِيمَا يُريِني

يُقَطِّعُ بِالْقُنُوطِ نِيَاطَ قَلْبِي … وَيُلْقِي الرَّيْبَ فِي عَقْلِي وَدِينِي

أَتُوقِرْهُ السَّنُونَ فَلَنْ أَرَاهُ … طَلِيقاً مَارِحاً مَرَحَ الْجُنُونِ

كَمَا هُوَ كَانَ وَ الدُّنْيَا شَبَابٌ … وَفِيه رَوَائِعُ الْحُسْنِ المُبِينِ

وَإنْ يَخْتَلْ عَلَى الأفْرَاسِ تِيهاً … فَشَتْ فِيهِنَّ أَعْرَاضُ الْفُتُونِ

وَإنْ يَصْهِلْ فَأَبْجَرُ آلِ عَبْسٍ … لَهُ صَوْتٌ يُعَادُ بِلاَ رَنِينِ

فَيَا أَلْفاً وَبِضْعَ مِئِينَ أَطْوِلْ … بِهَا أَلْفاً وَبِضعاً من مِئِينِ

أَبدْعٌ وَالمَسَافَةُ تِلْكَ أَنَّا … سَمِعْنَا الرَّعْدَ صَارَ إلى أنِينِ

مَضَى زَمَنُ الصِّبَا وَمَضَى التَّصَابِي … وَلَجَّ الدَّاءُ فِي الشَّيْخِ الزَّمِينِ

فَوَا حَرَبَا عَلَيْه وَكَانَ دَهْراً … على اسْتقصَاءِ حَاجَاتِي مُعِينِي

وَكَانَ إذَا الْوَجَاهَاتُ اقْتَضَتْني … تَحَمَّلنِي إلى مَا تَقْتَضينِي

وَيَمْنَحُ جُلُّهُ رَكْبِي جَلاَلاً … يُرِينِي أَنَّ كُلَّ الخَلْقِ دُوِني

وَمَا أَحْلاَهُ أَبْيَضَ غَيْرَ حُرٍّ … عَفِيفَ الْفَكِّ وَضَّاحَ الُجَبِينِ

يَزِينُ سِوَاهُ تَحْجِيلٌ يَسِيرٌ … وَحُجِّلَ كَلُّهُ حَتَّى الُوَتِينيِ

لَهُ ذَيْلٌ يُشِيرُ بِه دَلاَلاً … إلا ذَاتِ الشَّمَالِ أَوِ الْيَمِينِ

فَيَحْكِي رَايَةً غَرَّاءَ تَسْعَى … لِتَشْفِي كُلَّ ذِي دَاءٍ دَفِينِ

أَمَحْجُوبُ المَعَانِي وَالمَعَانِي … بِوَجْهِكَ ظَاهِرَاتٌ عَنْ يَقِينِ

أَسَاكَ وَفِيه كُلُّ أَخٍ شَرِيكٌ … يَحِقُّ عَلَى مُفَدِّيكَ الأَمِينِ

تَبَدَّلَ مِنْهُ مَجْدُكَ حِينَ يَمْطُو … بِأَزَّازٍ وَ تَفَّافٍ لَعِينِ

يُفَلِّتُ مَاشِياً تَفْلِيتَ سَوءٍ … أَلِيماً لِلأُنُوفِ وَلِلْجُفُونِ

وَبَيْنَا يَسْبُقُ القَصْدَ انْدِفَاعاً … إذّا هُوَ قَدْ تَوَقَّفَ قَبْلَ حِينِ

فَخَضَّكَ فِي مَكَانِكَ خَضَّ زْبْدٍ … وَلَسْتَ لِسُوءِ حَظِّكَ بالسَّمِينِ

فَتَسْمَعُ قَعْقَعَاتٍ مِنْ عِظَامٍ … تَرَضَّضُ فِيكَ مِنْ شَدٍّ وَلِينِ

عَزَاءَكَ فِي جَوَادِكَ يَا صَديقِي … فَكَمْ فِي الْبُعْدِ عَنُهُ مِنْ شُجُونِ

إخَالُ المَوْتَ يُنْذِرُهُ وَإنِّي … لأَُبُصِرُ قَسْوَةَ الدِّهْرِ الخَؤُونِ

فَإنْ يَتَوَلَّ عَنْكَ يَمُتْ حَمِيداً … وَلَمْ يَكُ بِالأَكُولِ وَلاَ البَطِينِ

ويَمْضِ فدِىً لأَرْوَعَ شِمَّرِيٍّ … مُحِيطٍ بِالْعُلُومِ وَبِالُفُنُونِ

طَبِيبٍ بِالمَعَارِفِ لاَ يُضَاهَى … أدِيبٍ غَيْرِ خَالٍ مِنْ مُجُونِ

إذَا مَا هَزَّ لِحْيَتَهُ خَطِيباً … يَقُولُ الْخَصْمُ يَا أرْضُ ابْلَعِينِي