علَّمتها الأيامُ أن تتجنَّى – مهيار الديلمي
علَّمتها الأيامُ أن تتجنَّى … فأحالتْ أخلاقها السُّمحَ هجنا
وتعدَّى غدرُ الزمانِ إليها … فرأتْ رعيها الأمانة َ غبنا
صبغَ الدهرُ عندها بيضَ أيا … ميَ سودا بلونه أو دُكنا
فعهودٌماشئت تلغى وأيما … نٌ على غيرِ حلِّها تستثنى
لم تزل تكذبُ الأمانيُّ حتى … منعتني بالغيب أن أتمنَّى
يا لحا الله ودَّ مثلكِ ما أن … زرَ رفدا عندي وأكثرَ منّا
كم خصوعٍ وليس يُخجلُ عينا … وعتابٍ وليس يخرق أذنا
أعتفي منكِ صخرة ً ليس تثنى … وهي في العين بانة ٌ تتثنَّى
وأرى في جبينك الشمس للعا … لم حسنا ولي شقاءً وحزنا
ما خذولٌ في رأس أرعنَ يمسى … شاهقاً دون نيلها معتنَّا
عبرتْ وحدها به ترد العذ … بَ لصابا عمقاً وترعى الحزنا
نجوة ً توجدُ الضحى هي والشمسُ … وتمسي مع الكواكب أمنا
لو رماها بكلّ ما عنده الطَّر … فُ لأعيا من دونها وتعنَّى
منكِ أنأى ولستِ منها إذا كن … تِ مكانَ الوشاح منَى أدنى
أستعيد الأحلامَ ذكرك إن خا … لسَ طرفي لماظة َ النوم وهنا
فكأنّى أدعو الصدى وكأنْ ما … سلك الطيفُ قطُّ بالنوم جفنا
أسأل الدهرَ عن خلائقه الأو … لى وقد نُقِّلتْ فحالَ وحلنا
وأروم الوفاء من زمن الغد … ر وهل للسَّحوقِ باليد مجنى
عجباً كيف لامني في قنوطي … من رأى البحر غاضَ والقطر ضنّا
كنتُ أشكو الأيام قبلُ وفي أخ … لافها مذقة ٌ إذا ما حلبنا
وأذمُّ الدنيا وللناس آذا … نٌ بواقٍ إذا عذلنَ سمعنا
فبودِّ المنى لوانّ ليا … ليَّ اللواتي بكيتُ منهنّ عدنا
حكمَ اللهُ بين قلبي وإخوا … ني وولّى الملامَ من جارَ منّا
ورعى لي في الدوحة ِ المجد غصنا … كيفما هزَّ هُزَّ أخضرَ لدنا
نابتاً في أرومة ٍ للعلا غي … ناءَ شقَّتْ ترابَ أرضٍ غنَّا
وصفت طيبَ عرقها بالجنى الحل … وِ ومدَّت فنّا وريقاً ففنَّا
وسقاها ماءَ الندى فكساها … واسعَ الظلِّ والثرى المطمئنّا
غرسُ عبد الرحيم ثم أطال الله … منها فرعا له ابنا فابنا
أسرة لم يكذبِ الدهرُ وعدا … في علاهم ولم يخيِّبْ ظنّا
أمراءُ الجُلَّى وألسنة النا … دى إذا استصرخوا خطابا وطعنا
لا يبالونوالمكارمُ فيهم … باقياتٌ ما ابتزَّ خطبٌ فأفنى
ركبوا كلَّ غاية ٍ يأخذون الس … بق حتى ردُّوا الصرائحَ هجنا
وترى كلَّ نافر عندهمُ يأ … نسَ إلاَّ ما كان بخلا وجبنا
وإذا العامُ جفَّ مدُّوا عليه … أيدياً يعصرون منها المزنا
كلُّ رخو الإزار حتى إذا سا … ر طوى شملة ً وقلَّص ردنا
لا يهاب السرى وراءَ المعالي … واحدا خاضَ ليلها أو مثنى
يحمل الطودَ مستقلاًّ ولا يحم … لُ وزنَ السَّفاة ِ ثأرا وضغنا
كعميد الكفاة لا تجد الغي … بة ُ في جنبه ولا الغمزُ وهنا
ساد رطبَ الشبابِ مقتبلَ الشر … خ كهولاً عدّوا الحجا والسِّنا
أبصرَ الضيمَ خطَّة ً فأباها … ورأى العجزَ حاجة ً فاستغنى
سبق الناسَ إنْ تعجَّلَ لم يك … بُ ولم يعقلوا به إن تأنَّى
ووقته من رأيه جنَّة لا … تتفرّى وصعدة ٌ لا تحنَّى
إن دعا في مواقف الفضل لم تب … رزْ إليه جحافلُ الفضل قرنا
وإذا قيل من توحَّد بالجو … د ومن فهو واحد لا يثنَّى
لاعفا منكَ بعدَ من بانَ منهم … ربعُ مجدٍ ولا تعطَّلَ مغنى
وبقيتَ السيفَ الذي هو أمضى … دونهم في اليد التي هي يمنى
عانيات لك الليالي يعفِّي … ن بحلم آثارَ ما قد جهلنا
طالعا مطلعَ النجوم لك الشع … رى تحيَّا بوفدها وتهنَّا
كلّ ولاّجة ٍ إذا امتطت القر … طاسَ لم تنتظر على السمع إذنا
تطربْ الحاضرَ البليغَ وإن م … رَّت بسمعِ البادي اشرأب وحنَّا
كلَّما عرجت بنادي قبيلٍ … تركت ألسنُ الفصاحة ِ لكنا
في عداكم تدافُ سمّاً وتهدي … لكمُ في الأعياد شهدا وسمنا
لكمُ صفوها وصفو ودادي … كلتُموني نصفا بها أو غبنا
لم أزل في الغنى وفي الفقر يخشا … ني زماني مذ قلتمُ أنتَ منَّا