على كلِّ حالٍ جانبَ الحقِّ أمنعُ – مهيار الديلمي
على كلِّ حالٍ جانبَ الحقِّ أمنعُ … وكسبُ القتى بالعزِّ أولى وأمتعُ
ويصعبُ أحياناًُ وينتظرِ الغنى … فيأتي ولمْ يخضعْ لهُ وهو طيِّعُ
ولا تتركُ الحرَّ الأبيَّ طباعهُ … لتخطئهُ والذِلُّ ثمَّ التَّطبُّعُ
سقى اللهُ مرَّ الحزمِ يعرفُ نفسهُ … إلى أينَ ما يجري وإلى أينَ ينزعُ
إذا بذلََ الحرصُ الكرائمَ صانها … وغالى بها إنَّ الرَّخيصَ مضيَّعُ
يلومونَ نصلاً كيفَ يزهي بحدِّهِ … ولا يعلمونَ الهندَ منْ أينَ تطبعُ
دعوهُ مصونَ الماءِ يأكلُ غمدهُ … إذا كانَ في أيمانكمْ ليسَ يقطعُ
وجرُّوا القنا الخوَّارَ فاطردوا بهِ … مخادعة ً ما دامَ في الحربِ مخدعُ
أألآنَ لمَّا أن تفاقمَ داؤها … تبيَّنتمُ أيَّ العلاجينِ أنفعُ
فقدْ علمًَ الصمصامُ أنَّ مصيركمْ … إليهِ إذا التفتْ رقابٌ وأذرعُ
أضعتمْ أموراً باعتزالِ محمَّدٍ … فلمَّا مضتْ قلتمْ لهُ كيفَ ترجعُ
إذا كانَ في الأولى التَّجاربُ قبلها … لمطَّلعٌ في آخرِ الأمرِ مقنعُ
بعثتمْ لها الحاوي المدرَّبَ فانظروا … وشيكاً إلى صمَّائها كيفَ تسمعُ
لقامَ بها منْ لمْ يكنْ طالباً لها … يدافعُ قومٌ دونها وهو يدفعُ
فتى ً لمْ تفدهِ رفعة ٌ منْ حطيطة ٍ … وبعضُ الرِّجالِ بالولاية ِ يرفعُ
لئنْ أخلفتْ فيها الولاة ُ وعودكمْ … لقدْ جازها منْ وعدهِ الصِّدقُ أجمعُ
وإنْ خانَ عاميها الرَّبيعُ فإنَّها … بماءِ يديهِ الآنَ في القيظِ تربعُ
رحيبُ نواحي الصَّدرِ يفضلُ باعهُ … ذراعاً إذا ضاقتْ صدورٌ وأضلعُ
وقورُ الاناة ِ ضاحكٌ كما بكى … على الأمرِ في إدبارهِ المتسرِّعُ
وجدتمْ بهِ الرأيَّ المبيَّتَ ناصحاً … لكمْ وبديهُ الرأيَ آلٌ مشعشعُ
وجربتمْ من قبلهِ ومحمَّدٌ … أحدُّ وهزاتُ الهمانيِّ أقطعُ
فذاكَ مغطِّي العجزَ بالحظِّ غالطٌ … بهِ الدَّهرُ مصنوعَ الرِّياسة ِ مبدعُ
نفورٌ زجاجيُّ الإباءِ شفيفهُ … يكادُ بأولى غمزة ٍ يتصدَّعُ
إذا ما أصابَ أرتابَ مما تعوَّدَ ال … خطاءَ فيرعى الامنَ وهو مروَّعُ
فأنْ ساءهُ في نفسهِ العجزُ سرَّهُ اغ … تيابكَ والنُّقصانِ بالفضلِ مولعُ
لئنْ قعدتْ منْ لؤمهِ أربعٌ بهِ … لقدْ نهضتْ أضدادها بكَ أربعُ
تفيضُ إذا أصفى وتعفو إذا هفا … وتصمى إذا أشوى وتعطي ويمنعُ
سقى الكوفة َ البيضاءَ ما سرَّ جدبها … بكفَّيكَ فيَّاضُ الجداولِ مترعُ
أبعدَ أزورارِ العيشِ بالأمسِ بعدها … غدتْ وهي مرعى ً للعفاة ِ ومنجعُ
وأسعدَ بغداداً على ما أظلَّها … منَ الشَّوقِ جفنٌ كلَّما جفَّ يدمعُ
أعدتَ لدارٍ موضعِ الأنسِ قاطناً … وأوحشتَ أخرى لا خلا منكَ موضعُ
وأخَّرني يومَ أنطلاقكَ أنْ أرى … على جمراتِ البينِ فيمنْ يشيّعُ
فؤادٌ إذا قيلَ الفراقُ تسابقتْ … حقوقاً أواخي صبرهُ تقطَّعُ
وجدتُ صليبَ العودِ في كلِّ حادثٍ … ولكنَّني الخوَّارُ يومَ أودِّعُ
فمعذرة ً أنَّ المفارقَ حافظٌ … هواكَ ومثني الخيرِ بعدكَ مصقعُ
وسمعاً على بعدِ المزارِ وقربهِ … لسيَّارة ٍ فيكمْ تحطُّ وترفعُ
إذا أبتمُ سرَّتْ وإذا بنتمْ سرتْ … وراءكمُ تقفو علاكمْ وتتبعُ
وقدْ كانَ بخلُ النَّاسِ باليأسِ صانها … فعلَّمها تأميلكمْ كيفَ تطمعُ
لها سابقاتٌ كونها في زمامكمْ … ضمانٌ وعهدٌ عندكمْ لا يضيَّعُ
ولانَ لها دهرٌ فما كلَّفتكمُ … وقدْ ضيَّقَ الآنَ الزَّمانَ فوسِّعوا
لئنْ حلِّئتْ فاستحلبتكمْ صوادياً … لقدْ أنظرتكمْ برهة ً وهي نزَّعُ
دعوها تردْ أورادها منْ حياضكمْ … ولا تدفعوها والغرائبُ تكرعُ
إليكَ وقدْ عيَّا الخطيبُ أخو العصا … وخامَ عنِ النُّصحِ الكميُّ المقنعُ
رغبتُ بها عنْ ناصلِ الودِّ قلبهُ … خبيثٌ وإنْ طابَ اللِّسانُ المصنَّعُ
يريني بفرطِ البشرِ أنِّي قسيمهُ … وشافعهُ مما يضرُّ وينفعُ
وقدْ كذبَ الإنسانُ في أنَّهُ أخي … دعيٌّ يراني جائعاً وهو يشبعُ
إذا قمتُ أشكو عندَ الدَّهرِ ذمَّهُ … وإيِّاهُ أعني ما أقولُ وأسمعُ