عبث الهوى بي من نفور الآنس – أحمد فارس الشدياق
عبث الهوى بي من نفور الآنس … فتأوهي من عابث أو عابس
ما كان لي ذنب لما حملته … إلا بكاي عند ربع دارس
إن يشجني رسم الديار فمصطفى … أحيى رسوم علومنا للدارس
إن الفصاحة والبلاغة قنسه … وهما مصابيح الهدى للقابس
وهما شعار المصطفى خير الورى … بل معجز القرآن للمتنافس
فالله قال بسورة من مثله … لا بالحساب ولا بطب الداحس
دعني من الفلكى يرقب نجمه … ويقول ذا وقت لنحس العاطس
ومن المهندس قائسا ما بين مضجعه … وبين الشمس اكذب قائس
ومن الذي يقضى الليالي حاسبا … ويهب ضارب خامس في سادس
ومن القضايا والقياس فكم ترى … ما بين ذينك من جزاف وساوس
هذي خرافات تطن باذن من … الف البيان طنين نفس الناقس
ولكم لهم عند الجدال تشدق … وركاكه فوارة بخلابس
من كل لفظ لا يكاد يقله … ظهر البعير مقعر متشاكس
فكانه جلمود صخر حطه … سيل فما تلقى له من حابس
دعني بحقك من علومهم فما … والله كانت غير محض هواجس
ذا مذهبي مذ كان حظي جرعة … من نيل مصر ولم اكن بالحادس
من لم يذق راح البيان فلا تكن … يوما له بمنادم ومجالس
وانح البلاغة عند شاعر عصر … لعلوم من سلفوا اجل ممارس
هو بحرها الزخار بحر سلامة … يكفيك جوب سباسب وبسابس
ان تلقه يوما فقبل تربه … واطلب رضاه فذاك ذخر البائس
وقل افتنانك في البديع اعاده … من رمسه فابان مين الرامس
يا اهل مصر اعيذكم بالله من … عين الحسود النافس المتقاعس
انتم نباريس العلوم مضيئة … للناس بين غياهب وحنادس
من لم يكن يهديه صابح قولكم … لم يهده نور الصباح العاطس
لكم اشتياقي لا لقد مائس … وبكم نسيبي لا بطرف ناعس