طرقتْ فالأنامُ منها سكارى – حيدر بن سليمان الحلي
طرقتْ فالأنامُ منها سكارى … تملأ الكونَ دهشة ً وانذعارا
بكرُ خطبٍ لا ينشد الصبرُ فيها … قد أتانا بها الزمانُ ابتكارا
في حديث الأحقاب لم يأت فيها … وقديماً لمثلها ما أشارا
بردت سائرُ القلوب ردى ً منـ … ـها وعادت من الغليل سكارى
ولها كانت المدامع لولا … حرُّ أنفاسنا تكون بحارا
وقليلٌ بها وإن ليس يجدي … ترسل العينُ دمعَها مدرارا
نكبة ٌ تملأ الوجودَ مصاباً … يملأ الأرضَ والسما استعبارا
يا نفوسَ اللاجين طيري شعاعاً … أدرك الدهرُ عندك الأوتارا
وابردي يا حشاشة الشرك أمناً … مات من كان بين جنبيك نارا
فبمن يغتدي الهدى مستجيراً … فقدتْ كعبة ُ الهدى المستجارا
وله أصبحَ الحطيمُ حطيماً … يتوارى في الترب حين توارى
ودجا الأفق في دجى غيهب الحز … نِ وهبَّت ريحُ الصبا إعصارا
سوَّمى يا خطوبُ خيلك فينا … تغنمي أين ما قصدت المغارا
وارتعى في حمى الورى فالمنايا … أنشبت في هزبرها الأظفارا
مَن حماها عن أن تُراعَ وقسراً … ردَّ أيدي الأيام عنها قصارا
كيف تخلو له من الحزن دارٌ … والندى منه لم يفت ديّارا
ملكَ الناسَ بالسماح عبيداً … فغدوا بعد فقده أحرارا
يا بغاة الإسلام لا تتناجوا … بانتقاص الدين الحنيف سرارا؟
لا تخالوا «محمداً» لم يخلّف … للورى ناهياً ولا أمتارا
فالإمامُ المهديُ قد قام فيهم … علماً يرشد الورى ومنارا
ما بنى الله من سماء علومٍ … وهو بدرٌ في أفقها قد أنارا
لازم الحقَ في هداه فأضحى … معه الحقُّ حيثما دار دارا
منه ملء الأبراد عدلٌ وتوحيـ … ـدٌ وفخرٌ من هاشمٍ لا يجارى
والحُبا في النديُّ تضمن منه … ركنَ رضوى حلما وأرسى وقارا
فترى الناس هيبة ً منه خرساً … يتناجون في الحديث سرارا
يا أجلَّ الورى علاءً وقدراً … وأعزَّ الأنام نفساً وجارا
عقد العيُّ منطقي أن أعزّيك … ومنك العزا غدا مستعارا
وقبيحٌ منّي إذا قلتُ صبراً … للذي علَّم الورى الاصطبارا