طربتُ متى كنت غير الطروب؟ – عبدالجبار بن حمديس

طربتُ متى كنت غير الطروب؟ … فلم أُعْرِ طَرِفَ الصِّبَا من ركوبِ

فَيَوْماً إلى سَبْيِ زقّ رَويٍّ … ويوماً إلى صيد ظبي ربيب

ومهما كبا بي فمن نسوة … يوافِقُها بين كأسٍ وكوبِ

لياليَ بينَ المَهَا غَيْرَة ٌ … عليّ تخوض بها في حروب

ولو أنّ قِدْحَ شبابِي أُجِيلَ … على الشمس لأختارَها في نصيب

وتزحمني كل فتّانة ٍ … بتفّاحة ٍ غَلّفَتْهَا بِطِيبِ

ويطلقني من عقال العناق … صَباحٌ يُنبِّهُ عينَ الرَّقِيبِ

وفي كَبِدِي جُرْحُ لحظٍ عليلٍ … وفي عضدي عضّ ثغرٍ شنيب

وريحانة ٌ أمها كرمة … تَنَفّس في كفِّ غصن رطيبِ

معتقة ٍ في يدي راهب … على دنَّها ختْمُهُ بالصّلِيبِ

إذا أمْرَضَتْكَ وخفتَ الصّبُوحَ … فمُمْرِضها لك غير الطبيب

تباكرُ من صَرْفها شَرْبَة … فتاة َ الوثوب عجوزَ الدبيبِ

كأنّ الحبابَ لها جُمّة ٌ … معممة ٌ رأسَها بالمشيب

إذا صبّ ماءٌ على صرفها … رأيت لهُ غوصة ً في اللهيب

فتخرج من قعرها لؤلؤاً … يُنَظِّمُ للكأسِ فوقَ التريب

تناولْتُها ونسيمُ الرِّياضِ … ذكيّ النسيم عليلُ الهبوب

وغيدٍ لطائف ألحانها … تنغمها لسرور الكئيب

فكلّ مقمعة ٍ بالعقيق … من الدرِّ أغصانَ كفٍّ خصيب

تنبّه مطرقة ً في الحجور … تُغْرِي الأكفَّ بشقِّ الجيوب

إذا أسْمَعَتْ حسناتِ الغناءِ … شربنا عليها كؤوس الذنوب

وَسُودِ الذَوائبِ يَسْحَبْنَها … كَسَعْيِ الأساوِدِ فَوْقَ الكثيبِ

توافق بالرقص أقدامهن … يطأن بها نغمات الذنوب

يُشِرْنَ إلى كلّ عَضْوٍ بما … يَحُلّ به في الهوى من كروب

بَسَطْنا لها وهي مثل الغصون … تميس بهبَهّ الصّبار والحبوب

على الأرض منا خدود الوجوه … وبينَ الضُّلوع خدودَ القلوبِ