صُبْحٌ مَطِيرٌ، وَنَسْمَة ٌ عَطِرَهْ – محمود سامي البارودي

صُبْحٌ مَطِيرٌ، وَنَسْمَة ٌ عَطِرَهْ … وَأَنْفُسٌ لِلصَّبُوحِ مُنْتَظِرَهْ

فدُر بعينيكَ حيثُ شئتَ تَجِدْ … مُلْكاً كَبِيراً، وَجَنَّة ً خَضِرَهْ

سماؤها بالغصونِ واشِجة ٌ … وأرضُها بالنباتِ مؤتَزِره

مَنْظَرُ لَهْوٍ تُعِيدُ بَهْجَتُهُ … أَكِنَّة َ الْعيْشِ وَهْيَ مُنْحَسِرهْ

فَالْعُفْرُ تَحْتَ الظِّلاَلِ رَاتِعَة ٌ … وَالطَّيْرُ فَوْقَ الْغُصُونِ مُنْتَشِرَهْ

والطلُّ ينهلُّ مِن مساقِطِهِ … مِثْلَ عُقُودِ الْجُمَانِ مُنْتَثِرَهْ

جَدَاوِلٌ في الْفَضَاءِ جَارِيَة ٌ … ومُزْنَة ٌ فِي السَّمَاءِ مُنْهَمِرَهْ

دُنيا نعيمٍ تكادُ زهرَتُها … تَزْرِي عَلَى الشَّمْسِ وَهْيَ مُزْدَهِرَهْ

لاَ ظِلُّهَا راكِدُ النَّسِيمِ، وَلاَ … غُدرانُها بالغثاءِ مًختمره

فيابنَ وُدِّى هلمَّ نقتسمِ الـ … ـلَهْوَ، فَنَفْسِي إِلَى الصِّبَا حَسِرَهْ

وَخَلِّنَا مِنْ سِياسَة ٍ دَرَجَتْ … بَيْنَ أُناسِ قُلُوبُهُمْ وَغِرَهْ

يَقضونَ أيامهُم على خطرٍ … فَبِئْسَ عُقْبَى السِّيَاسَة ِ الْخَطِرَهْ

خَدِيعَة ٌ لاَ يَزَالُ صَاحِبُهَا … بَيْنَ هُمُومٍ وَعِيشَة ٍ كَدِرَهْ

مَا لِي وَلِلنَّاسِ، لاَ لَدَيَّ لَهُمْ … حَقٌ يُؤدَّى ، ولا على َّ تِره

قَدِ التقينا من غيرِ سابقة ٍ … فِي دَارِ دُنْيَا بِأَهْلِهَا غَدِرَهْ

نَلهو بها حِقبة ً ، ونتركُها … إلى مهاوٍ فى الأرضِ منحدِره

كلُّ امرئٍ ذاهبٌ لغايتهِ … وكلُّ نفسٍ بالغيبِ مؤتمِره

يا ربِّ هب لى منَ الكرامة ِ ما … يسرُّ نفسى ، فإنَّها وجرَه

ولا تكِلنى لِمن يعذِّبُنى … فإنَّ نفسى إليكَ مفتقِرَه