صبا للقصورِ وغزلانها – مصطفى صادق الرافعي
صبا للقصورِ وغزلانها … وتلكَ الليالي وأشجانِها
لياليَ تجري جيادُِ الهوى … الى الغانياتِ بفرسانها
وتبعثها خطراتُ القلوب … لمرعى صبِاها برعيانها
فهل عَلمتْ حادثاتُ الزمان … اساءتها بعدَ إحسانها
رأينا لياليَ أفراحِها … تجرُّ لياليَ أحزانها
وكم حاربتني عيونُ المهى … وحاربت أعداءَ سلطانها
فردتْ سيوفي وتلكَ اللحاظِ … لا غمادِِها ولأجفانها
أبعدَ الوصالِ وبعدَ الودادِ … تروعُ الغواني بهجرانها
وتطرحُ شأنكَ عن همَّها … وتصدفُ عنكَ الى شأنِها
فلا تستنمْ لنؤمِ الضحى … ولا ترجُ برةَ أيمانِها
ولا تغتررْ بالتي خلتَها … تسر الغرامَ بإعلانها
تعلَّمَتِ الودَّ بعدَ النفورِ … من خاطبي ودِ يابانها
فدع غصن البان في أرضه … إذا ظللْتهم بأغصانِها
وجنبْ فؤادَك نارَ الهوى … إذا ما حمتهمْ بنيرانها
فما العزُّ في حُجُرات الكعابِ … ولا في الرياضِ وريحانِها
ولا في الشعورِ كموجِ السحابِ … إذا ما تراختْ على بانِها
ولا في الحواجبِ مثلَ الهلالِ … ولا في العيونِ وأجفانِها
ولا هو في طلعةِ النيِّرينِ … ولا في النجومِ وكيوانِها
ولا في جمالِ زهورِ الرياضِ … إذا اختلْنَ في ثوبِ نيسانها
ورتلَ مما شجاهُ الحمامُ … أفانينَ شجوٍ بأفنانها
وما السيفُ من غيرِ أبطالِهِ … وما العينُ من غيرِانسانِها
وهل ترتقي صادحاتُ الطيورِ … من الجوِّ مرقاة عقبانها
علاكَ أحق بهذي اليالي … من الغانياتِ بريعانها