شعفتَ بعهدٍ ذكرتهُ المنازلُ – جرير

شعفتَ بعهدٍ ذكرتهُ المنازلُ … وكِدتَ تناسَى الحِلمَ وَالشّيبُ شاملُ

لعمركَ لا أنسى َ لياليَ منعجٍ … و لا عاقلاً إذْ منزلُ الحيَّ عاقلُ

وَمَا نَامَ إذْ باتَ الحَوَاضِنُ وَلّهاً، … وَلَكِنْ هَوَانَا المُنْفِسَاتُ العَقائِلُ

ألا حَبّذا أيّامَ يَحْتَلّ أهْلُنَا … بذاتِ الغضا والحيُّ في الدارِ آهل

و إذْ نحنُ ألافٌ لدى كلَّ منزلٍ … وَلَمّا تُفَرَّقْ للطِّيَاتِ الجَمَائِلُ

و إذْ نحنُ لمْ يولعْ بنا الناسُ كلهمْ … وَما ترْتَجِي صُرْمَ الخَليطِ العَوَاذِلُ

خليليَّ مهلاً لا تلوما فانهُ … عَذابٌ إذا لامَ الصّديقُ المُوَاصِلُ

عجبتُ لهذا الزائر الركبَ موهناً … و منْ دونهِ بيدُ الملا والمناهلُ

أقامَ قليلاً ثمَّ باحَ بحاجة ٍ … إلَيْنَا وَدَمْعُ العَينِ بالمَاء وَاشِلُ

وَأنّى اهْتَدَى للرّكْبِ في مُدْلهمّة ٍ، … تداعسُ بالركبانِ فيها الرواحلِ

أناخوا قليلاً ثمَّ هاجوا قلائصاً … كما هيجَ خَيطٌ مَغرِبَ الشّمسِ جافلُ

و أيُّ مزار زرتَ حرفٌ شملة ٌ … و طاوى الحشا مستانسُ القفرِ ناحل

وَلَوْلا أمِيرُ المُؤمِنِينَ، وَأنّهُ … إمامٌ وعدلٌ للبرية ِ فاصلُ

وَبَسطُ يَدِ الحَجاجِ بالسّيفِ لم يكنْ … سَبيلُ جِهَادٍ وَاستُبيحَ الحَلائِلُ

إذا خافَ دَرْءاً مِنْ عَدُوٍّ رَمَى بِهِ … شديدُ القُوَى والنزْعِ في القوْس نابلُ

خَليفَة ُ عَدْلٍ، ثَبّتَ الله مُلْكَهُ … على َ راسياتٍ لمْ تزلها الزلازلُ

دعوا الجبنَ يا أهلَ العراقِ فانما … يُبَاحُ وَيُشْرَى سَبيُ مَن لا يُقاتِلُ

لَقَدْ جَرّدَ الحَجّاجُ بالحَقّ سَيْفَهُ … لكُمْ فاستَقيمُوا لا يميلَنّ مَائِلُ

… وَلا حُجّة ُ الخَصْمَينِ حَقٌّ وَباطِلُ

و أصبحَ كالبازي يقلبُ طرفهُ … عَلى مَرْبإٍ، وَالطّيرُ مِنْهُ دَوَاخِلُ

وَخافُوكَ حتى القَوْمُ تَنْزُو قُلُوبُهمْ … نزاءُ القطا التفتْ عليهِ الحبائلُ

وَمَا زِلْتَ حتى أسْهَلَتْ مِنْ مخافَة ٍ … اليكَ اللواتي في الشعوفِ العواقل

وَثِنْتَانِ في الحِجّاجِ لا تَرْكُ ظالِمٍ … سوياً ولا عندَ المراشاتِ نائلُ

و منْ غلَّ مالَ اللهِ غلتْ يمينهُ … إذا قيلَ أدوا لا يغلنَّ عاملُ

وَمَا نَفعَ المُسْتَعمَلِينَ غُلُولُهُمْ، … وَما نَفَعَتْ أهْلَ العُصَاة ِ الجَعائِلُ

قَدِمْتَ على أهْلِ العِرَاقِ وَمِنْهُمُ … مخالفُ دينِ المسلمينَ وخاذلُ

فكُنْتَ لَمن لا يُبْرِىء الدّينُ قَلْبَهُ … شِفَاءً، وَخَفّ المُدْهِنُ المتَثاقِلُ

و أصبحتَ ترضى كلَّ حكمٍ حكمتهُ … نِزَارٌ، وَتعطي ما سألْتَ المقَاوِلُ

صَبَحْتَ عُمَانَ الخَيْلِ رَهْواً كأنّما … قَطاً هاجَ مِنْ فَوْقَ السّماوَة ِ ناهِلُ

يُناهِبْنَ غِيطانَ الرّفاقِ، وَتَرْتَدي … نِقالاً إذا ما استَعرَضَتْها الجَرَاوِلُ

سَلَكْتَ لأهْلِ البَرّ بَرّاً فَنِلْتَهُمْ … و في اليمَّ يأتمُّ السفينُ الجوافلُ

تَرَى كُلّ مِرْزَاب يُضَمَّنُ بَهوُهَا … ثَمانِينَ ألفْاً، زَايَلَتْهَا المَنَازِلُ

جَفُولٍ تَرَى المِسْمَارَ فِيها كأنّهُ، … إذا اهتَزّ، جِذْعٌ من سُمَيحة َ ذابلُ

إذا اعتركَ الكلاءُ والماءُ لم تقدْ … بِأمْرَاسِهَا، حتى تَثُوبَ القَنَابِلُ

تَخَالُ جِبَالَ الثّلْجِ لَمّا تَرَفّعَتْ … أجلتها والكيدُ فيهنَّ كامل

تَشُقّ حَبَابَ الماء عَنْ وَاسِقاتِهِ، … وَتَغرِسُ حوتَ البَحرِ منها الكلاكلُ

لَقد، جَهَدَ الحَجّاجُ في الدّينِ وَاجتبى … جبا لمْ تغلهُ في الحياض الغوائلُ

و ما نانَ إذْ باتَ الحواضنُ ولها … وَهُنّ سَبَايا، للصّدورِ بَلابِلُ

أطيعوا فلاَ الحجاجُ مبقٍ عليكمُ … وَلا جِبرَئيلٌ ذو الجَناحَينِ غَافِلُ

ألا رُبّ جَبّارٍ حَمَلْتَ على العَصَا … و بابُ استهِ عنْ منبرِ الملكِ زائلِ

تَمَنّى شَبيبٌ مُنْيَة ً سَفَلَتْ بِهِ، … و ذو قطريٍّ لفهُ منكَ وابل

تقولُ فلا تلقى لقولكَ نبوة ٌ … وَتَفْعَل ما أنْبَأتَ أنّكَ فَاعِلُ