سَقَاهَا الحيَا مِنْ أَرْبُعٍ وَطُلُولِ – سبط ابن التعاويذي

سَقَاهَا الحيَا مِنْ أَرْبُعٍ وَطُلُولِ … حَكَتْ دَنَفِي مِنْ بَعْدِهِمْ وَنُحُولِي

ضَمِنْتُ لَهَا أَجْفَانَ عَيْنٍ قَرِيحَة ٍ … منَ الدمعِ مِدْرارِ الشؤونِ هَمُولِ

لَئِنْ حَالَ رَسْمُ الدَّارِ عَمَّا عَهِدتُّهُ … فَعَهْدُ الْهَوَى فِي الْقَلْبِ غَيْرُ مُحِيلِ

خَلِيلَيَّ قَدْ هَاجَ الْغَرَامَ وَشَاقَنِي … سَنا بارقٍ بالأَجْرَعَيْنِ كَليلِ

وَوَكَّلَ طَرْفِي بِالسُّهَادِ تَنَظُّرِي … قَضَاءَ مَلِيٍّ بِالدُّيُونِ مَطُولِ

إذَا قُلْتُ قَدْ أَنْحَلْتِ جِسْمِي صَبَابَة ً … تَقُولُ وَهَلْ حُبٌّ بِغَيْرِ نُحُولِ

وإنْ قلتُ دَمعي بالأسى فيكِ شاهدٌ … تقولُ شُهودُ الدمعِ غيرُ عُدولِ

فَلاَ تَعْذُلاَنِي إنْ بَكَيْتُ صَبَابَة ً … على ناقضٍ عهدَ الوفاءِ مَلُولِ

فأبرحُ ما يُمنى بهِ الصَّبُّ في الهوى … مَلالُ حبيبٍ أو مَلامُ عَذُولِ

وَدُونَ الْكَثِيبِ الْفَرْدِ بِيضُ عَقَائِلٍ … لَعِبْنَ بِأَهْوَاءٍ لَنَا وَعُقُولِ

غَدَاة َ کلْتَقَتْ أَلْحَاظُنَا وَقُلُوبُنَا … فَلَمْ تَخْلُ إلاَّ عَنْ دَمٍ وَقَتِيلِ

ألا حبّذا وادي الأَراكِ وقد وشَتْ … برَيّاكَ رِيحاً شَمْأَلٍ وقَبُولِ

وَفِي أَبْرَدَيْهِ كُلَّمَا کعْتَلَتِ الصَّبَا … شفاءُ فؤادٍ بالغرامِ عليلِ

دَعَوْتُ سُلُوًّا فِيكَ غَيْرَ مُسَاعِدٍ … وحاولتُ صبراً عنكَ غيرَ جميلِ

تَعَرَّفْتُ أَسْبَابَ الْهَوَى وَحَمَلْتُهُ … عَلَى كَاهِلٍ لِلنَّائِبَاتِ حَمُولِ

فَلَمْ أَحْظَ مِنْ حُبِّ الْغَوَانِي بِطَائِلٍ … سوى رَعْيِ ليلٍ بالغرامِ طويلِ

أما تسأمُ الأيامُ ظُلمي فتنْقَضي … حقودٌ تراءَتْ بيننا وذُحولُ

تلقَّيْتُ منها كلَّ بُؤسٍ ونِعمة ٍ … وَصَاحَبْتُ فِي الْحَالَيْنِ غَيْرَ قَلِيلِ

فَلَمْ يَرْتَبِطْ حَبْلِي بِغَيْرِ مُصَارِمٍ … ولا اعْتلقَتْ كفِّي بغيرِ بخيلِ

أُضَمِّنُ شَكوايَ القوافي تَعِلّة ً … وَقَدْ صُنْتُهَا عَنْ صَاحِبٍ وَخَلِيلِ

مُقيماً وجُردُ الخيلِ ترقُبُ نهضَتي … فَشُوسُ الْمَطَايَا يَقْتَضِينَ رَحِيلِي

وَلَيْسَ کحْتِمَالِي لِلأَذَى أَنَّ غَايَة ً … يُقَصِّرُ وَخْدي دونَها وذَميلي

إلَى كَمْ تُمَنِّينِي اللَّيَالِي بِمَاجِدٍ … رَزينٍ وقارِ الحِلمِ غيرِ عَجولِ

أهُزُّ اختيالاً في ذُراهُ معاطفي … وَأَسْحَبُ تِيهاً فِي ذَرَاهُ ذُيُولِي

لَقَدْ طَالَ عَهْدِي بِالنَّوَالِ وَإنَّنِي … لَصَبٌّ إلَى تَقْبِيلِ كَفِّ مُنِيلِ

وَإنَّ نَدَى يَحْيَى الْوَزِيرِ لَكَافِلٌ … بِهَا لِي وَعَوْنُ الدِّينِ خَيْرُ كَفِيلِ

هو المرءُ لا يَنفَكُّ صدرَ وِسادة ٍ … لِفَصْلِ الْقَضَايَا أَوْ إمَامَ رَعِيلِ

جَوادٌ يَبيتُ الوفدُ حولَ فِنائِهِ … بأكرمَ مَثوى ً عندَهُ ومَقيلِ

إذا فُلَّتِ البِيضُ الرِّقاقُ وجدتَهُ … أخا عزَماتٍ غيرِ ذاتِ فُلولِ

وتَعنو لهُ الحربُ العَوانُ لطولِ ما … تَحَطَّمَ فِيهَا مِنْ قَناً وَنُصُولِ

أَشَمُّ هُبَيْرِيُّ الْمَنَاسِبِ يَعْتَزِي … إلَى خَيْرِ بَيْتٍ فِي أَعَزِّ قَبِيلِ

مِنَ الْقَوْمِ لاَ رَاجِي نَدَاهُمْ بِخَائِبٍ … وَلاَ الْجَارُ فِي أَبْيَاتِهِمْ بِذَلِيلِ

إذا استُصرِخوا شَنُّوا فُضولَ دروعِهمْ … على غُرَرٍ وَضّاحة ٍ وحُجولِ

فإنْ رُفِعَتْ للحربِ والجدْبِ راية ٌ … رَمَوْهَا بِأُسْدٍ مِنْهُمُ وَشُبُولِ

ثِقَالٌ عَلَى الأَعْدَاءِ لاَ يَسْتَخِفُّهُمْ … نَوَازِلُ خَطْبٍ لِلزَّمَانِ ثَقِيلِ

تُرَاعُ صُدُورُ الْخَيْلِ وَاللَّيْلِ مِنْهُمُ … بفتيانِ صدقٍ رُجَّحٍ وكُهولِ

فَضَلْتَ بصِيتٍ سارَ في الأرضِ ذِكرُهُ … وَمَجْدٍ مُنِيفٍ فِي السَّمَاءِ أَثِيلِ

وَرَأْيٍ كَصَدْرِ السَّمْهَرِيِّ مُثَقَّفٍ … وعزمٍ كمَتنِ المَشْرَفِيِّ صَقيلِ

تَخافُكَ أطرافُ القَنا فاهتِزازُها … مِنَ الذُّعْرِ لاَ مِنْ دِقَّة ٍ وَذُبُولِ

وَمُعْتَرِكٍ ضَنْكِ الْمَجَالِ وَمَوْقِفٍ … زَليقٍ بأقدامِ الكُماة ِ زَليلِ

صَلِيتَ لَظاهُ باردَ القلبِ وادِعاً … كأنّكَ منهُ في حِمى ً ومَقيلِ

وَقَتْكَ الرِّقَاقُ الْبِيضُ لَفْحَ أُوَارِهِ … وَيَا رُبَّ ظِلٍّ لِلسُّيُوفِ ظَلِيلِ

وَأَجْرَيْتَهَا قُبَّ الْبُطُونِ كَأَنَّهَا … تَدافُعُ سَيلٍ في قَرارِ مَسيلِ

فما اعتصَمَتْ منكَ الوعولُ بقُلّة ٍ … وَلاَ کمْتَنَعَتْ مِنْكَ الأُسُودُ بِغِيلِ

وَسُقْتَ الْعِدَى سَوْقَ الرِّعَاءِ ظَوَامِئَاً … لِوِرْدٍ مِنَ الْمَوْتِ الزُّؤَامِ وَبِيلِ

فَكُلُّ أَبِيٍّ فِي مَقَادَة ِ مُصْحِبٍ … وكلُّ حَرُونٍ في زِمامِ ذَلولِ

فلمْ يبقَ حَيٌّ منهمُ غيرُ مُوثَقٍ … وَلاَ مُطْلَقُ الْكَفَّيْنِ غَيْرُ قَتِيلِ

فَمِنْ حُرِّ وَجْهٍ بِالصَّعِيدِ مُعَفَّرٍ … وَطَرْفٍ كَحِيلٍ بِالتُّرَابِ كَحِيلِ

دَعَوْتُكَ فِي الَّلأْوَاءِ يَا کبْنَ مُحَمَّدٍ … لِنَصْرِيَ وَکسْتَنْجَدتُّ غَيْرَ خَذُولِ

فَمَا أَوْضَعَتْ إلاَّ إلَيْكَ رَكَائِبِي … وَلاَ وُضِعَتْ إلاَّ لَدَيْكَ حُمُولِي

عدَلْتُ بها عن قائلٍ غيرِ فاعلٍ … إلى رَبِّ جُودٍ قائلٍ وفَعولِ

كثيرٍ إذا قَلَّ الحِباءُ حِباؤُهُ … وَفِيٍّ إذَا عَزَّ الْوَفَاءُ وَصُولِ

إلى بحرِ جُودٍ بالمواهبِ مُزبِدٍ … وصَوبِ حَيَاً بالمَكرُماتِ هَطُولِ

وَإنِّيَ يَا تَاجَ الْمُلُوكِ لَوَاثِقٌ … بسَيْبِ عطاءٍ من نَداكَ جَزيلِ

وها أنا قد حَمَّلْتُ مَدحَكَ حاجَتي … وَحَسْبُكَ فَکنْظُرْ مَنْ جَعَلْتُ رَسُولِي