سَقاكِ سارٍ من الوَسْمِيِّ هَتّانُ – سبط ابن التعاويذي

سَقاكِ سارٍ من الوَسْمِيِّ هَتّانُ … وَلاَ رَقَتْ لِلْغَوَادِي فِيكِ أَجْفَانُ

ـرَابِي وَلِلَّهْوِ و … َالأَطْرَابِ أَوْطَانُ

أَعائدٌ ليَ ماضٍ من جديدِ هوى ً … أَبْلَيْتُهُ وَشَبَابٌ فِيكِ فَيْنَانُ

إذِ الرقيبُ لنا عَينٌ مُساعِدَة ٌ … وَالْكَاشِحُونَ لَنَا فِي الْحُبِّ أَعْوَانُ

وَإذْ جَمِيلَة ُ تُولِينِي الْجَمِيلَ وَعِنْدَ … الْغَانِيَاتِ وَرَاءَ الْحُسْنِ إحْسَانُ

وَلِي إلَى الْبَانِ مِنْ رَمْلِ الْحِمَى طَرَبٌ … فاليومَ لا الرملُ يُصْبِيني ولا البانُ

وما عسا يُدركُ المُشتاقُ من وَطَرٍ … إذَا بَكَى الرَّبْعَ وَالأَحْبَابُ قَدْ بَانُوا

وليلة ٍ باتَ يَجلو الراحَ من يدشهِ … فيها أَغَنُّ خفيفُ الرُّوحِ جَذْلانُ

خالٍ من الهَمِّ في خَلْخالِهِ حرَجٌ … فقلبُهُ فارغٌ والقلبُ مَلآُنُ

يُذْكِي الْجَوَى بَارِدٌ مِنْ ثَغْرِهِ شَبِمٌ … ويُوقظُ الوَجدَ طَرفٌ منهُ وَسْنانُ

إنْ يُمسِ رَيّانَ من ماءِ الشبابِ فلي … قَلْبٌ إلَى رِيقِهِ الْمَعْسُولِ ظَمْآنُ

بينَ السيوفِ وعينَيْهِ مُشارَكة ٌ … مِنْ أَجْلِهَا قِيلَ لِلأَغْمَادِ أَجْفَانُ

فَكَيْفَ أَصْحُو غَرَاماً أَوْ أُفِيقُ هَوًى … وقَدُّهُ ثَمِلُ الأعطافِ نَشْوانُ

أَفْدِيهِ مِنْ غَادِرٍ بِالْعَهْدِ غَادَرَنِي … صُدودُهُ ودموعي فيهِ غُدْرانُ

في خدِّهِ وثناياهُ ومُقلَتِهِ … وفي عِذارَيْهِ للمَعشوقِ بُستانُ

شَقَائِقٌ وَأَقَاحٍ نَبْتُهُ خَضِلٌ … وَنِرْجِسٌ عَبِقٌ غَضٌّ وَرَيْحَانُ

ما زالَ يمزُجُ كأسي من مَراشِفِهِ … بقهوة ٍ أنا منها الدهرَ سَكْرانُ

والليلُ تَرمُقُني شَزْراً كواكبُهُ … كَأَنَّهُ مِنْ دُنُوِّي مِنْهُ غَيْرَانُ

حتى توالَتْ تَؤُمُّ الغربَ جانحة ً … منها إليهِ زَرافاتٌ وأُحْدانُ

كأنّها نَقَدٌ بالدَّوِّ نَفَّرَها … لمّا بدا ذنَبُ السِّرْحانِ سِرْحانُ

أو فَلُّ جيشٍ على الأعقابِ مُنهزِمٍ … مَالَتْ بِأَيْدِيهِمُ لِلطَّعْنِ خِرْصَانُ

فَقَامَ يَسْحَبُ بُرْداً ضَوَّعَتْ عَبَقاً … وَجْهَ الثَّرَى مِنْهُ أَذْيَالٌ وَأَرْدَانُ

شَوطٌ من العمرِ أنضَيْتُ الشبيبة َ في … مَيدانِهِ فرَحاً والعُمرُ مَيدانُ

أيامَ شَرخُ شبابي رَوضة ٌ أُنُفٌ … مَا رِيعَ مِنْهُ بِوَخْطِ الشَّيْبِ رَيْعَانُ

تَقِرُّ بِي عَيْنُ نَدْمَانِي فَهَا أَنَا قَدْ … أمسَيْتُ ما ليَ غيرَ الهَمِّ نَدْمانُ

فَلَيْتَ شِعْرِيا َرَاضٍ مَنْ كَلِفْتُ بِهِ … أمْ مُعرِضٌ هو عنّي اليومَ غَضبانُ

من بعدِ ما صِرتُ في حُبّي لهُ مثَلاً … فَسِرُّ وَجدي بهِ في الناسِ إعلانُ

النَّاصِرِ الدِّينَ وَالْحَامِي حِمَاهُ وَمَنْ … وللخلافة ِ عزمٌ منهُ يَقْظانُ

خَلِيفَة ٌ ظَاعَة ُ الرَّحْمنِ طَاعَتُهُ … حَقٍّا وَعِصْيَانُهُ لِلَّهِ عِصْيَانُ

إذا تمسَّكْتَ في الدنيا بطاعتِهِ … فما لسَعيِكَ عندَ اللهِ كُفْرانُ

تَسخو بكلِّ نَفيسٍ نفسُهُ ويرى … أنَّ النَّفائسَ للعَلياءِ أَثْمانُ

رَبُّ الجِيادِ منَ النَّقعِ المُثارِ لها … بَراقعٌ ومنَ الخَطِّيِّ أَرْسانُ

تَحْذُو قَوَائِمَهَا الْتِّبْرَ النُّضَارَ فَمِنْ … نِعالِها للملوكِ الصِّيدِ تِيجانُ

تُرْدي الأعادي عليها حينَ تَبعثُها … قُبًّا كَمَا کنْبَعَثَتْ تَشْتَدُّ ذُؤْبَانُ

فاعجَبْ لمَيمونة ِ الأعرافِ مِيسَمُها … نَصْرٌ وَفِيهَا لِمَنْ عَادَاهُ خِذْلاَنُ

لا يُغمِدُ السيفَ إلاّ في الكَمِيِّ ولا … يَسْتَصْحِبُ النَّصْلَ إلاَّ وَهْوَ عُرْيَانُ

يُذْكِي الأَسِنَّة َ فِي لَيْلِ الْعَجَاجِ كَمَا … يُذْكَى لِبَاغِي الْقِرَى فِي اللَّيْلِ نِيرَانُ

تَعْشُو السِّبَاعُ إلَيْهَا حِينَ يَرْفَعُهَا … ظَامِي الْحَشَا وَخَمِيصُ الْبَطْنِ طَيَّانُ

تَسْتَطْعِمُ الْبِيضَ فِي كَفَّيْهِ مُحْدِقَة ً … بهِ كما أحدقَتْ بالبيتِ ضِيفانُ

على خُوَانٍ من القتلى كأنّهمُ … على التبايُنِ من حَولَيْهِ إخْوانُ

فيا لهُ من مُضيفٍ طالما عُقِرَتْ … على مَقارِبِهِ أبطالٌ وأَقْرانُ

نَمَتْهُ مِنْ غَالِبٍ غُلْبٌ غَطَارِفَة ٌ … بِيضُ المآثرِ والأحسابِ غُرّانُ

صَومُ الهواجرِ هِجِّيراهُمُ ولهمْ … إذَا سَجَا اللَّيْلُ تَسْبِيحٌ وَقُرْآنُ

حَازُوا تُرَاثَ رَسُولِ اللَّهِ وَکتَّصَلَتْ … لَهُمْ بِدَوْحَتِهِ الْغَنَّاءِ عِيدَانُ

حلَفْتُ بالعِيسِ أمثالِ القِسِيِّ على … أَكْوَارِهَا كَقِسِيِّ النَّبْعِ رُكْبَانُ

كأنّها والمَوامي يرْتَمِينَ بها … نَواجياً تَخبِطُ الظَّلماءَ ظِلمانُ

مِنْ كُلِّ مُجْفَرَة ِ الْجَنْبَيْنِ تَامِكَة ٍ … كأنَّ ما ضمَّ منها الرَّحْلُ بُنْيانُ

أَذَابَهَا لِلسُّرَى ط … َوْعَ الأَزِمَّة ِ اعْـ

حَتَّى لَعَادَتْ وَفِي أَنْسَاعِهَا ضُمُراً … مِنْهَا نُسُوعٌ وَفِي الأَقْرَانِ أَقْرَانُ

تُهْوي بكلِّ مُنيبِ القلبِ تَحفِرُهُ … تَقِيّة ٌ مِلءُ جَنبَيْهِ وإيمانُ

شُعْثاً يَمِيلُونَ مِنْ سُكْرِ اللُّغُوبِ كَمَا … تَمَايَلَتْ فِي ذُرَى الأَحْقَافِ أَغْصَانُ

يَرجونَ مكّة َ والبيتَ المُحَجَّبَ أنْ … يَبْدُو لَهُمْ مِنْهُ أَسْتَارٌ وَأَرْكَانُ

أُمُّوا جَوَاداً إذَا حَلُّوا بِهِ وَسِعَتْ … ذُنُوبَهُمْ رَحْمَة ٌ مِنْهُ وَرِضْوَانُ

وَالْمُشْعَرَاتِ الْهَدَايَا فِي أَزِمَّتِهَا … مِنَ الْغَوَارِبِ أَنْقَاءٌ وَكُثْبَانُ

يَقْتادُها في حبالِ الذلِّ خاضعة ً … أعناقُها أنّها للهِ قُرْبانُ

صُوراً إلَى الشَّعَرَاتِ الْبِيضِ قَدْ خُضِبَتْ … مَشافِرٌ بالدمِ القاني وأَدْقانُ

لولا وَلاءُ بني العباسِ ما ثَقُلَتْ … لمُفلِسٍ مُخسِرٍ في الحَشرِ مِيزانُ

أَنْتُمْ وَقَدْ بَيَّنَ الْفُرْقَانُ فَضْلَكُمُ … بينَ الهدى وضلالِ البغيِ فُرْقانُ

يَا نَاشِرَ الْعَدْلِ فِي الدُّنْيَا وَمُنْشِرَهُ … ومَن بهِ تَفخرُ الدنيا وتَزْدانُ

وَمُوسِعَ الدَّهْرِ وَالأَيَّامِ إنْ سَفِهَتْ … حِلْماً يَخِفُّ لَهُ قُدْسٌ وَثَهْلاَنُ

لَمْ يَبْقَ لِلْجْوْرِ سُلْطَانٌ عَلَى أَحَدٍ … أَنَّى وَأَنْتَ لأَِهْلِ الأَرْضِ سُلْطَانُ

قَالُوا الْقِرَانُ وَطُوفَانُ الْهَوَاءِ لَهُ … بالشرِّ عن كثَبٍ في الأرضِ طُغيانُ

أمَا لهمْ فيهِ برهانٌ وطائرُكَ المَيمونُ فيهِ لدَفعِ الشرِّ بُرهانُ … ـونُ فِيهِ لِدَفْعِ الشَّرِّ بُرْهَانُ

وَكَيْفَ تَسْطُو اللَّيَالِي أَوْ يَكُونُ لَهَا … في عصرِ مثلِكَ إرهاقٌ وعُدوانُ

وَأَنْتَ فِي كُلِّ عُلْوِيٍّ لَهُ أَثَرٌ … مُؤَثَّرٌ وَعَلَى الطُّوفَانِ طُوفَانُ

سَعَادَة ٌ لَوْ أَحَاطَ الْخَازِمِيُّ بِهَا … لعادَ فِيما ادَّعاهُ وهْوَ خَزْيانُ

فَکسْعَدْ بِهَا دَوْلَة ً غَرَّاءَ مَا کدَّرَعَتْ … بِمِثْلِهَا حِمْيَرٌ قِدْماً وَسَاسَانُ

وَکسْلَمْ تَدُومُ لَكَ النُّعْمَى فَإنَّكَ مَا … سلِمْتَ في جَذَلٍ فالدهرُ جَذْلانُ

لاَ زِلْتَ بَدْرَ السَّمَاءِ يَسْتَضِيءُ بِهِ … ويهتدي مُظلمٌ منّا وحَيْرانُ

ولا سعى لكَ صَرفُ الدهرِ في حُرُمٍ … ولا رأى من يَرجوكَ حِرْمانُ