سَئِمْتُ مِنَ المُوَاصَلَة ِ العِتَابَا – جرير

سَئِمْتُ مِنَ المُوَاصَلَة ِ العِتَابَا … وَأمسَى الشَّيبُ قَد وَرِثَ الشّبابَا

غدتْ هوجُ الرياح مبشراتٍ … إلى بِينٍ نَزَلْتِ بهِ السّحابَا

لقدْ أقررتِ غيبتنا لواشٍ … و كنا لا نقرُّ لكِ اغتيابا

أنَاة ٌ لا النَّمُومُ لَهَا خَدينٌ، … و لا تهدى لجارتها السبابا

تطيبُ الأرضُ إنْ نزلتْ بأرضٍ … و تسقى حينَ تنزلها الربابا

كأنَّ المسكَ خالطَ طعمَ فيها … بِماءِ المُزْنِ يَطّرِدُ الحَبَابَا

ألا تَجزينَني، وهُمُومُ نَفْسِي … بذكرِكِ قَدْ أُطيلُ لَها اكْتِئَابَا

سُقِيتِ الغَيثَ حَيْثُ نأيتِ عَنّا … فما نهوى لغيركم سقابا

أهذا البخلُ زادكِ نأي دارٍ … فليتَ الحبَّ زادكمُ اقترابا

لقدْ نامَ الخليُّ وطالَ ليلي … بِحُبّكِ ما أبِيتُ لَهُ انْتِحَابَا

أرَى الهِجرانَ يُحدِثُ كُلّ يَوْمٍ … لقلبي حينَ أهجركمْ عتابا

وكائِنْ بالأباطِحِ مِنْ صَديقٍ … يراني لو أصبتُ هوَ المصابا

وَمَسْرُورٍ بأوْبَتِنَا إلَيْهِ، … و آخرَ لا يحبُّ لنا إيابا

دعا الحجاجُ مثلَ دعاء نوح … فأسمعَ ذا المعرجِ فاستجابا

صبرتَ النفسَ يا ابنَ أبي عقيلٍ … محافظة ً فكيفَ ترى الثوابا

وَلَوْ لم يَرْضَ رَبُّكَ لم يُنَزِّلْ، … معَ النصرِ الملائكة َ الغضابا

إذا أفْرَى عَنِ الرّئَة ِ الحِجَابَا … رَأى الحَجّاجَ أْثْقَبَها شِهاَبَا

ترى نصرَ الامام عليكَ حقاً … إذا لبسوا بدينهم ارتيابا

تشدُّ فلا تكذبُ يومَ زحفٍ … إذا الغمراتُ زَعزَعَتِ العُقَابَا

عَفاريِتُ العِراقِ شَفَيْتَ مِنهُمْ … فَأمْسَوْا خاضِعِينَ لكَ الرّقَابَا

و قالوا لن يجامعنا أميرٌ … أقَامَ الحدّ واتّبَعَ الكِتابَا

إذا أخذوا وكيدهمُ ضعيفٌ … بِبابٍ يَمْكُرُونَ فَتَحتَ بَابَا

و اشمطَ قدْ ترددَ في عماهُ … جعلتَ لشيبِ لحيتهِ خضابا

إذا عَلِقَتْ حِبالُكَ حَبْلَ عاصٍ … رأى العاص منَ الأجل اقترابا

كأنك قدْ رأيتَ مقدمات … بصين استانَ قد رفعوا القبابا

جعلتَ لكلَّ محترس مخوفٍ … صفوفاً دارعينَ به وغابا