سَأَلْتَ نَجِيَّتِي شَيْئاً يُقَالُ – خليل مطران

سَأَلْتَ نَجِيَّتِي شَيْئاً يُقَالُ … فَلَمْ تَأْبَهُ وَلَمْ يُجَبِ السُّؤَالُ

مُخَدَّرَةٌ أَبَتْ لاَ عَنْ دَلاَلٍ … وَلَوْ فَعَلَتْ لَحَقِّ لَهَا الدَّلاَلُ

وَلَكِنْ مَسَّهَا ضُرٌّ عرَاَنِي … فَفِيهَا مِنْ تَبَارِيِحي كَلاَلُ

إِذَا مَا الدَّاءُ أَقْعَدَ جِسْمَ حَيٍّ … أَتَنْشَطُ رُوحُهُ وَبِهَا عِقَالُ

عَلَيَّ لِصَفْوَةٍ نُجُبٍ حُقُوقٌ … أَنوءُ بِهَا وَأَعْبَاءٌ ثِقَالُ

لَقُونِي زَائِراً وَلَقُوا صَدِيقِي … بِأُنْسٍ فَاقَ مَا كُنْا نَخَالُ

وَأَولُوْنَا القَلاَئدَ فِي حِلاَهَا … تَنَافَسَ الاِرْتِجَالُ وَالاِحْتِفَالُ

فَمَا أَنَا فِي الوَفَاءِ وَمَا رَفِيقِي … إِذَا مَا أَعْجَزَ الشُّكْرَ النَّوَالُ

قَضَى مَا اسْطَاعَ يُوسُفُ عَنْ أَخِيهِ … وَنِعْمَ العَوْنُ يُوسُفُ وَالثِّمَالِ

لَهُ بِمَوَدَّةِ السُّودَانِ عَهْدٌ … وَثِيقٌ لاَ تَرِثُّ لَهُ حِبَالُ

تَيَمَّمْنَا مَرَابِعَهُمْ فَمَاذَا … جَلاَ فِيهَا لَنَا السِّحْرُ الحَلاَلُ

بِلاد تَصْطَبِي الأَحْلاَمَ فيهَا … حَقِيقَتهَا وَيَسْبِيهَا الخَيَالُ

لِمَجْرَى نِيلِهَا وَلضَفَّتَيْهِ … جَمَالٌ لاَ يُبَاهِيهِ جَمَالُ

وَلِلْبِيدِ السْحِيقَةِ وَالرَّوَاسِي … جَلاَلٌ لاَ يُضَاهِيهِ جَلاَلُ

وَلَيْسَ كَأَيْكِهَا أَيْكٌ يُغَنِّي … وَلاَ كَدِحَالِهَا زَأَرَتْ دِحَالُ

فَإِنْ يَكُ شَعْبُهَا كَرَماً وَبَأْساً … يُمَثِّلُها فَقَدْ رَاعَ المِثَالُ

شَمَائِلُ حُلْوَةٌ طَابَتْ وُرُوداً … عَلَى مَرِّ الزِّمَانِ وَمَا تَزَالُ

وَإِقْدَامٌ عَلَى الجُلَّى وَعَزْمٌ … لَهُ إِنْ مَسَّهُ الضَّيْمُ اشْتِعَالُ

بَنِي السُّودَانِ حَيَّا الله قَوْماً … بِهِمْ هَذِي الفَضائِلُ وَالخِصَالُ

لَقَدْ عَبَرَتْ بِكَمْ مِحَنٌ كِبَارٌ … بِهَا أَبْطَالُكُمْ جَالُوا وَصَالوا

وَأَعْقَبَهَا تِرَاكٌ لَمْ تَذِلُّوا … لِحُكْمِ الدَّهْر فِيهِ وَلَمْ تُذَالُوا

فَأَمَّا فِي الغَدَاةِ وَقَدْ نَهَضْتُمْ … فَمَا مِنْ عَثْرَةٍ إِلاَّ تُقَالُ

شَبَابٌ أَذْكِيَاءُ تَلُوحُ فِيهِمْ … لِكُلِّ عَظِيمَةٍ تُرْجَى خِلاَلُ

وَأَشْيَاخٌ مَيَامِينٌ حِصَافٌ … تُزَكِّي مَا يَقُولُونَ الفِعَالُ

فِهيَّا فِي نَوَاحِي المَجْدِ هَيَّا … وَلاَ يَعْدَمْ سَوَابِقَكُمْ مَجَالُ

أَعِدُّوا لِلْحِمَى الغَالِي حُمَاةً … إِذَا قَالَ الحِمَى أَيْنَ الرِّجَالُ

بَنِي السُّودَانِ حَاجَةُ كلِّ قَوْمٍ … لِيَعْلو شَأَنُهُمْ عِلْمٌ وَمَالُ

فَإِنْ قَرِنَتْ شَجَاعَتُهُمْ بِقَصْدٍ … وَتَثْقِيفٍ فَقَدْ ضمِنَ المَآلُ

وَكُلُّ مُحَاوِلٍ إِدْرَاكَ حَقٍ … سُيدْرِكُهُ وَإِنْ طَالَ المِطَالُ

وَهَلْ حَقّ إِلَيْهِ الشَّعْبُ يَسْعَى … بِإِيمَانٍ وَصَبْرٍ لاَ يُنَالُ

لَكمْ فِي مِصْرَ إِخْوَانٌ ثِقَاتٌ … هَوَاهُمْ لاَ تُغَيِّرُ مِنْهُ حَالُ

وَبَيْنَكُمُ وَبَيْنَهُمُ قَدِيماً … وَشَائِجُ لَنْ يُلِمَّ بِهَا انْحِلاَلُ

فَمَا عَنْ أَمْرِكمْ بِهِمْ اشْتِغَالُ … وَمَا عَنْ أَمْرِهِمْ بِكُمْ اشْتِغَالُ

وَلَيْسَ لِمِصْرَ وَالسُّودَانِ إِلاَّ … وَرِيدٌ كَيْفَ بَيْنَهُمَا يُحَالُ

وَهَذَا النَّيلُ نِيلُهُمَا جَمِيعاً … كَفَى سَبَباً لِيَخْلُدَ الاِتِّصَالُ

أَمَا الوَادِي وَمَجَرَاهُ جَنُوبٌ … هُوَ الوَادِي وَمَجْرَاهُ شَمَالُ

هُمَا دَارَانِ فِي وَطَنٍ عَزِيزٍ … وَفِي الدَّارَيْنِ إِخْوانٌ وَآلُ