سما فاعتلى في كلِّ حال مقام من – محيي الدين بن عربي
سما فاعتلى في كلِّ حال مقام من … إذا قيلَ أنتَ الربُّ قالَ أنا العبدُ
على الكلِّ عهدٌ قدْ عرفتَ مقامَهُ … فمن لا يفي بالعهد ليس له عهد
كذا نصهُ في الوحيِ عبدٌ مقربٌ … محمد المختارُ والعَلَمُ الفرد
وجاءَ به نصُّ الكتابِ مؤيداً … كلامُ رسولٍ صادقٍ وعده الوعدُ
فللهِ ما يخفى وللهِ ما يبدو … وللهِ فيهِ الأمرْ قبلُ ومنْ بعدُ
ولمْ يدرِ هذا الأمرَ إلا أولوا النهى … منَ السادة ٍ الغرِّ الذينَ همُ قصدُ
قويمٌ إذا حادتْ مقاصدُ مثلهِ … عن المرتبة ِ العليا فخانهم الحدّ
أقاموا براهينَ العدالة ِ عندهُ … فقولهمُ قول وحدهمُ حدُّ
وحال لهم في كل غيبٍ ومشهدِ … مذاق عزيز طعمه العسلُ الشهد
وذلك عن وحي من الله واصلٌ … إلى النحلِ فانظر فيه يا أيها العبد
فإن كان إلهاما من الله إنه … هو الغاية القصوى إلى نيلها تعدو
فما فيه من تركِ استناد معنعنٍ … ومن كان هذا علمه جاءه السعد
فليسَ لهُ إلا الغيوبَ شهادة ٌ … ومن كان هذا حاله ما له حد
تجنبْ براهينَ النهى إنها عمى … إلى جنب ما قلنا فقربكمُ البعد
لو أنَّ الذي قلناه يقدر قدره … لنوديتُ بينَ الناسِ يا سعدُ يا سعدُ
كما جاءَ منْ أسرى إليه بهِ على … بُراقِ الهدى نحوَ الذي قلتُ يشتدُّ
ومنهُ أخذنا علمَهُ بشهادة ٍ … من الذوقِ ذقناها وشاهدنا الوجدُ
إلى كلِّ خيرٍ سابقاً ومسارحاً … وقد جاء في القرآن أنوارها تبدو
أروحُ عليها بكرة ً وعشية ُ … بشوقٍ إلى تحصيلها وكذا أغدو
ألا إنَّ بذلَ الوسعِ في اللهِ واجبٌ … ودار الذي ما من صداقته بدّ
وليس سوى النفسِ التي عابد لها … وكانتْ من الأعداءِ لمنْ حالُه الرشدُ
تعبدتَ يا هذا بكلِّ فضيلة ٍ … وأنتَ لها أهلٌ إذا حصلَ الجهدُ
وساعدك التقوى فنلت بها المنى … ولكنْ إذا أعطاكَ من ذاتهِ الجدُّ
إذا جاءك الوفد الكريم مغلسا … وساعده من عند مرسله الرفد
فذلك بشرى منه إنك مجتبى … وإن لك الزُّلفى كما أخبر الوفد
وما الوفدُ إلا رسلهُ وكتابهُ … وليس لما جاءت به رسله ضدّ
يقاومهُ فاعلمْ بأنكَ واصلٌ … إليهِ ولا هجرٌ هناكَ ولا صدُّ
فواصِلْ ذوي الأرحام مما منحته … وإنْ أنتَ لمْ تفعلْ فذالكمُ الطردُ
وحاذِرْ من الجودِ الإلهيّ إنه … لهُ المكرُ في تلكَ المنائحِ والردُّ
فلوْ كانَ عن ربٍّ لكانَ مخلصاً … كما يحلمُ الشطرنجُ أن يحكمَ النردُ
ألا إنَها الأفلاكُ في حكمها بها … قدْ أودعَ فيها اللهُ منْ علمهِ تعدو
على كلِّ مخلوقٍ وإنَّ قضاءَه … عليه بهِ فاحمدْ فمنْ شانكَ الحمدُ
فحقق تنقل إن كنت بالحقِّ حقه … ولا تعتمد إلا على من له المجد
وذلكَ منْ يدري إذا كنتَ عالماً … وقدْ أثبتَ التحقيقُ من حالهِ الجحدُ
ولا تجحدن إلا كفوراً لعلمه … لذلك لم يخلد وإن ذكر الخلد
فما الخلدُ إلا للذي ظلَّ مشركاً … يروحُ ويغدو دائماً فيهِ ولا يعدو