سل الركبَ إن أعطاك حاجتك الركبُ – مهيار الديلمي

سل الركبَ إن أعطاك حاجتك الركبُ … من الكاعبُ الحسناءُ تمنعها كعبُ

قضى أنها مغلوبة ٌ لينُ عطفها … و حصنها أن تملك الأسدُ الغلبُ

حموها وذابوا أن ترامَ وما حموا … قلوبَ الهوى من مقلتيها ولا ذبوا

و هزوا القنا الخطار والبيضَ دونها … فمن طالبٌ والمانع الطعنُ والضربُ

يخافون صوتَ العار أن يصبحوا بها … حديثا وأفواه المواسم تستبُّ

و ما العارُ إلا أنّ بين بيوتهم … قلوبَ المحبينَ السلائبُ والنهبُ

لئن أشحطوها أن تزارَ فبيننا … مواثيقُ بعدُ الدار إن رعيتْ قربُ

و إن حجبتْ والريح تسفرُ بيننا … بنجوى فؤادينا فما ضرت الحجبُ

و في دارها بالروضتينْ لناظرٍ … شفائفُ ضوءِ البدرِ تكفره السحبُ

و منها ومن أترابها في ثرى الحمى … عبائقُ تهديها الصبا ليَ والتربُ

وقفتُ وصحبي في اللوى فأملهم … وقوفيَ حتى وقفتُ ولا صحبُ

أذاكرهُ مرآة َ يومي بأهله … فيشكو الذي أشكو ويصبو كما أصبو

و لم أحسب الأطلالَ تخضعها النوى … و لا أنّ جسم الربع ينحلهُ الحبُّ

تحدثْ بما أبصرتَ يا بارقَ الحمى … فإنك راوٍ لا يظنُّ بك الكذبُ

و قلْ عن حشي من حرها وخفوقها … تعلمتَ ما تنزو خطارا وتشتبُّ

و عن بدنٍ لم يبرح الشوقُ معرياً … و شائظهُ حتى التقى الجنبُ والجنبُ

فلو أنه في جفنِ ظبية ِ حابلٍ … مكانَ القذي ما كان يلفظه الهدبُ

و هذا ضنا جسمي وقلبي عندها … فكيف به لو كان في جسدي قلبُ

فطرتُ على طين الوفاء ودينهِ … فنفسي إليه بالغريزة تنصبُّ

فكم نائمٍ عني وثيرٍ مهادهُ … و جنبي له عن لين مضجعه ينبو

أصابرُ فيه الليلَ حتى أغيظه … فتحسدَ أجفاني على السهر الشهبُ

و أعجبُ ما حدثتهُ أنّ ذمة ً … وفتْ فارسٌ فيها وخاست بها العربُ

عذيري من الأيام أوخمن مرتعي … و رنقنَ لي من حيثُ يستعذبُ الشربُ

تناوبُ قوماً غضها وهشيمها … و كلُّ نصيبي من معيشتها الجدبُ

أخلى عليهم عفوها ودرورها … فأرضى بلا ذلًّ بما كده العصبُ

و أتركها تركَ المسالمِ قادرا … لأسلمَ منها وهي لي أبدا حربُ

و كم قد شكوتُ الدهرَ لو كان مشكيا … و عاتبتُ جورَ الحظ لو نفع العتبُ

بلى في يدي لا أكفرُ اللهَ جانبٌ … من العز لي فيه الوسيعة ُ والرحبُ

و منبعُ جود لو قنعتُ كفى الغنى … و بلَّ غليلي ماؤه العللُ السكبُ

تعود جوى غيمهُ ونسيمهُ … و أرضيَ أن تزكو عليه وأن تربو

أقلني من التغرير يا طالبَ العلا … و من كديَ الآمالَ تنهضُ أو تكبو

فلولا الندى العدُّ الرحيميُّ ما جرى … إلى أيكتي ماءٌ ولا اخضرَّ لي تربُ

هم الناس ناسي والزمانُ زمانهم … ربيعي وكسبي من رضاهم هو الكسبُ

نملحتُ فيهم والتحفتُ بريشهم … فوكري بهم حيث استوى الماءُ والعشبُ

و حسبي غنى ً أو سوددا أنَّ بحرهم … و سيدهم عند الملمات لي حسبُ

إلى شرفِ الدين انتشطنا حبالها … تعانقُ في نفض الطريق وتختبُّ

سلائلُ ما صفى َّ الغضينُ وداحسٌ … و حازت كلابٌ رهنها واعتلت كلبُ

بناتُ الفلا والريحِ كل حسيرة … إليها الرياحُ المستقيماتُ والنكبُ

كسيرِ العصا المقدودِ لو سلكتْ بها … ثقوبُ الخروت لم يضق دونها ثقبُ

تخالُ عناناً في العنان من الطوى … و إن شطبتْ بالسوط هي الشطبُ

تحطُّ إليه وهي قلبٌ من الطوى … و تركبُ عنه وهي مجفرة ٌ قبُّ

إلى ملكٍ لا يملكُ الخوفُ صدره … خفوقا ولا يغشى على رأيه الخطبُ

و لا يطبيه التيهُ في معجزاته … إذا هامة ُ المفتون أسكرها العجبُ

مهيبِ الرضا مستصفحِ السخطِ بالغ … به القولُ ما لا يبلغ الباتر العضبُ

محيطٍ بآفاق اٌصابة رأيهُ … بديهاً ورأيُ الناسِ مختمرٌ غبُّ

إذا رفعتْ للإذن سجفا رواقهُ … فلأعين الإشراقُ والآنفِ التربُ

مقامٌ تلاقى عنده النعمُ السطا … و يجتمع الرغبُ المحببُ والرعبُ

إذا أمرتهُ مرة من حفيظة ٍ … تسوءُ نهاه خلقه الباردُ العذبُ

تصورَ من حسنِ وحلمٍ ونائلٍ … ففي الدستِِ منه البدرُ والبحرُ والعضبُ

من القوم لم تضربْ عليهم إتاوة ٌ … و لم يعتبدهم غيرَ خالقهم ربُّ

صدورُ قلوبٍ في المجالسِ والوغى … إذا رشحوا فاضوا وإن قدحوا شبوا

و مدَّ عميدُ الدولة العرضَ راسخا … فحدثَ عن ضربِ العلا الرجلُ الضربُ

و ما علمتْ أمُّ الكواكبِ قبله … و قبلهمُ أن الهلالَ لها عقبُ

و أنَّ شروقَ الشمس عنهم سينتهي … إلى ملكٍ في صدره الشرقُ والغربُ

أرى الملك بعد الميل قامت قناتهُ … و لوحمَ منه بعد ما انصدعَ الشعبُ

لك البلجة البيضاءُ إن مات فجرهُ … و في يدك التفريجُ إن غشى َ الكربُ

و قد علمتْ أمّ الوزارة أنها … إذا غبتَ ثكلى قصرها الدمعُ والندبُ

و تطمعُ مخدوعَ المنى في نكاحها … مطامع كدتها وأنت لها خطبُ

و دبوا لها تحت الظلام عقاربا … و لو حسبوا وطء الأخامص ما دبوا

و لما رأوا عنها التفاتك عاجلوا … وثوباً وقدماً طاح بالقدمِ الوثبُ

رقيتَ بفضل الحلم شوكة َ لسبهم … فقد ماتت الأفعى وقد برأ اللسبُ

همُ عقروها إذ تعاطوا فعذبوا … و رأيك فيهم صالحٌ وهمُ السقبُ

و راموا التي يرضى بها الخرقُ وحدهُ … خداعا وتأباها الحزامة ُ واللبُّ

و من دونها أن يخطبَ الليثُ هدنة ً … من الذئب أو يبكي من العطش الضبُّ

تحدثهم أحلامهم أنَّ ظهرها … ركوبٌ ولكن يكذبون إذا هبوا

صلوها فما يشقى من اليوم سعدها … عليكم ولا تذوي وأنتم لها قطبُ

و لا برحتْ فيكم تجرُّ عزيزة ً … سرابيلَ لا يخفى ذلاذلها السحبُ

ضممتَ عزيبَ الملك بعد انتشارهِ … و أفرشتهَ أمناً وقد ذعرَ السربُ

و ما زلتَ بالتدبير تركبُ صعبه … إلى سهله حتى استوى السهلُ والصعبُ

أحبك وداً من يخافك طاعة ً … و أعجبُ شيءٍ خفيفة ٌ معها حبُّ

و لو نشزتْ عنك القلوبُ لردها … لسانك هذا الحلوُ أو وجهك الرطبُ

فما مقلة ٌ إلا وأنتَ سوادها … و لا كبدٌ إلا وأنت لها خلبُ

و أما القوافي فهي منذ رعيتها … بطائنُ وادٍ كلُّ أعوامهِ خصبُ

يكاثفها نبتا ويعدبُ مشربا … فلساتها خضمٌ ورشفاتها عبُّ

صحائحَ ملساً كالدهانِ وعهدنا … بها عند قومٍ وهي مجفلة ٌ جربُ

و كم بكرة ٍ لمدحك قدتها … فقرت ومن أخلاقها الغشمُ والشغبُ

تغاديك أيام التهاني بوفدها … مكررة ً لبساً وهنّ بها قشبُ

بشائرُ ملكٍ صدقهُ فيكَ لا يهي … له ركنٌو لا يقصرْ له طنبُ

و أنَّ يدَ اللهِ البسيطة َ جنة ٌ … تقيكم وأحزاب السعودِ لكم حزبُ

يزوركمُ قلبي بها مثلَ منطقي … فلا الغشُّ مخشيٌّ عليها ولا الحبُّ

و أمدحُ من أعطاكمُ من لسانهِ … و أرضاكمُ من قلبه بكمُ صبُّ

فلا تعدموا منها عرائسَ عطلاً … لها من أياديكم قلائدُ أو قلبُ

إذا مشتِ الأقران حولَ خريدة ٍ … فوحدتها في الحسنِ ليس لها تربُ

أجدُّ بها والطبعُ يجري خلالها … طلاوة َ رقراقٍ ترى أنها لعبُ

و غيركمُ يرتاب بي إن مدحته … لعرفانه ألاّ يحلَّ لها الغصبُ

فأرفعهُ بالفعلِ لو كان فاعلا … و قد خفضتهُ من نقيصتهِ ربُّ

يساءُ كأني بالثناء أسبهُ … لعمرُ أبي أنّ النفاقَ هو السبُّ