سقى دارها بالرَّقمتينوحيَّاها – مهيار الديلمي

سقى دارها بالرَّقمتينوحيَّاها … ملثٌّ يحيل التربَ في الدار أمواها

ورفَّ عليه رائحٌ متهدّلٌ … من النبت يُرضي جردها ومطاياها

ولا برحتْ تمحو ندوبَ هجيرها … بوادرُ من أسحارها وعشاياها

إلى أن ترى الأبصارُ حسنا تودُّه … وخُمصُ المطايا بِطنة ً تتعافاها

وما بيَ إلا نفحة ٌ حاجريّة ٌ … تؤدّي صباها ما تقول خزاماها

أحبُّ لظمياءَ العدا من قبيلها … وأهوى ترابَ الأرض ما كنتُ أهواها

وأُغضي على أمرٍ وفيه غميزة ٌ … ليُكسبني منها المكانة َ والجاها

وكيف بوصلِ الحبلِ من أمِّ مالكٍ … وبين بلادينازَرودْ وحبلاها

يراها بعينِ الشوق قلبي على النوى … فيحظى ولكن من لعيني برؤياها

فلله ما أصفى وأكدرَ حبَّها … وأبعدها منّى الغداة َ وأدناها

إذا استوحشتْ عيني أنستُ بأن أرى … نظائرُ تصبيني إليها وأشباها

فاعتنقُ الغصنَ القويمَ لقدِّها … وألثمُ ثغرَ الكأس أحسبه فاها

ويومالكثيب استشرقتْ لي ظبية ٌ … مولَّهة ٌ قد ضاع بالقاع خشفاها

يدلِّهُ خوفُ الثُّكل حبَّة َ قلبها … فيزدادُ حسنا مقلتاها وليتاها

فما ارتاب طرفى فيكِ يا أمّ مالكٍ … على صحّة التشبيه أنكِ إياها

فإن لم تكوني خدَّها وجبينها … فإنك أنتِ الجيدُ أو أنتِ عيناها

ألُوَّامهُ في حبّ دارِ غريبة ٍ … يشقُّ على رجمِ المطامع مرماها

دعوه ونجداً إنها شأنُ نفسه … فلو أن نجدا تلعة ما تعدّاها

وهبكم منعتم أن يراها بعينه … فهل تمنعون القلبَ أن يتمنّاها

وليل بذات الأثل قصَّر طوله … سُرى طيفها آهاً لذكرتها آها

تخطَّت إليّ الهولَ مشيا على الهوى … وأخطارهِ لا يبعد الله ممشاها

وقد كاد أسدافُ الدُّجى أن تضلَّها … فما دلَّها إلا وميضُ ثناياها

أصاح ترى أنّ الوفاء لغادرٍ … سجية ُ ذلٍّ في الهوى لستُ أنساها

قني الشرَّ منها أو أقلني عثارها … لعلَّك تلقى مثلها فتوقَّاها

إذا أنتَ لم تحفظْ لغيرِ محافظٍ … ولم ترعَ إلا ذمّة فيك ترعاها

فعشْ واحداً أو كن من الناس حجرة ً … فإن الوفاءَ لفظة ٌ مات معناها

بلى في بني عبد الرحيم وبيتهم … أصولُ العلا محفوظة ٌ وبقاياها

وعندهم العهدُ القديمُ لجارهم … إذا انتسبت أولى الجبال وأخراها

ملوكٌ بنوا في ذروة العزّ خيرها … ترابا وأعلاها سماءً وأسناها

لهم دوحة ٌ خضراءُ رُوِّيَ أصلها … بماء الندى الجاري وطُيِّبَ فرعاها

تمنَّت على الله المنى في ثمارها … لتنجبَ واستعلتْ عليه فأعطاها

نمتْ كلَّ مفرورعن الرأى سنه … يقول نعم فيالمهد أوّلَ ما فاها

أغرّ إذا أجرى العزائمَ كدّها … خماصا وإن سلَّ التجاربَ أمضاها

أخا الفتكِ حتى تتقيه بدينه … فتلقى منيبا للتقيَّة ِ أوّاها

وعندَ زعيم الدين منهم شهادة ٌ … بأنَّ صدورَ المكرمات تقفَّاها

تبوَّعَ في خلِّ الثغورِ فسدَّها … وأسفرَ في سودِ الخطوب فجلاَّها

هم الجوهرُ الصافي وأنتَ يتيمة ٌ … من العقد ما زانَ العقودَ ثناياها

ولولا أخوكَ أو أخوكَ وسطتها … كما أنهُ أعلى الأناملِ وسطاها

ملكتَ الكمالَ قادرا متسلِّطا … فلم تكُ مع فرطِ المحاسن تيَّاها

وسُدتَ بنفسٍ حلمُها دون بطشها … وسلطانُها مولى ً عليهِ بتقواها

إذا الغضبُ الطاري أمال طباعها … أثابَ بها الخُلقُ الكريمُ فسوّاها

كأنّ معنِّيها لمجدٍ أراحها … ومفقرها في طاعة ِ الجودِ أغناها

فلو أن صوبَ المزنِ أنكر نفسه … تبصَّر من أخلاقها وسجاياها

وموتى من الأضغانِ فوق وجوههم … ظواهرُ غيب ناطقٍ بخفاياها

بعثتَ إليهم بالوعيدِ كأنما … بعثتَ إلى أرواحهم بمناياها

أراد علاك منهمُ من أرادها … غرورا ولم يقدرِ عليها فعاداها

وهل في أديم الشمس للعين مثبتٌ … وهل جهدَ القاري يوما فراماها

أبا حسنٍ إن الوفاءَ تجارة ٌ … إذا ما تولَّى ربُّها الشكرَ نمَّاها

وإن فروضَ الجودِ كيف بعثتها … إلى مفصح حرٍّ فإنك تقضاها

مننتَ وأعطيتَ المودَّة حقَّها … فأكرِمْ بكفٍّ ودُّها من عطاياها

ولا خيرَ في جدوى سوى الحبِّ جرَّها … ولا في يدٍ غير التوامقُ أسداها

أجبتَ وقد ناداك شعريَ من شفا … معمَّة ٍ ينهارُ بالرِّجل جالاها

وكنتَ يمينا نصرُها غيرُ رائثٍ … إذا استصرختها في الملمَّة يُسراها

فمهما يطُلْ هذا اللسانُ ويتَّسعْ … له القولُ تسمعها فصاحا وتُرواها

خفائف في الأسماع وهي ثقائلٌ … على قلب من يشنا علاك ويشناها

تُقرِّب في أغراضكم نزعَ سهمها … وتُبعدُ في أعراضكم ليلَ مسراها

عوالق بالأسماع حتى كأنها … قراطٌ يودّ السمعُ أن يتحلاَّها

إذا حصَّنتْ عرضا يُحاط بها وُقي … وإن حصبتْ وجها يغاظ بها شاها

لك العفو منها عن أيادٍ تسلَّفت … وعن أُنُفٍ يجرين في الجود مجراها

فلا تُعطشنْ غرسا كريما غرسته … فما تُجتنى الأعراقُ إلا بسقياها

أعدها أعدْها إنما المجدُ كلّه … لمولى ً إذا ما وحَّد اليدَ ثنَّاها

سحائب كانت من يديك تربُّنى … وقد أوكأت تلك السحابُ رواياها

فلا تعدم الآمالُ عندك حظِّها … ولا تقفد الآدابُ منك مزاياها

وحيَّاك بالنيروز وفدُ سعادة ٍ … يراوحُ مغداها إليك وممساها

ولا زالت الأيامُ تملكُ أمرها … وتأمرها فيما تشاءُ وتنهاها

وكنتَ بعين الله في كلّ نوبة … تحاذرها نفسي عليك وتخشاها

فإني متى علَّقتُ نفسي بحاجة ٍ … وخفتُ عليها الفوتَ ضمَّنتُها الله