سفينة العَين قَد فازَت مِن الغَرَق – عائشة التيمورية

سفينة العَين قَد فازَت مِن الغَرَق … وَأَشرَقَت تَزدَهي مِن ساحِل الحَدق

مرت مَشيدَة ما مَسَّها لغب … شَفاف منظرها في أَحسن النَسق

وَنورُها ضاحِك تَبدو نَواجِذه … لِما تَنفس صُبح الصَحو عَن شَفَق

قَد ضم بِالشَوق مَحبوا يعوّذه … من الوُشاة برب النور والفَلَق

فَيا وُلاة الهَوى في صِدقِكُم شَغفي … اِذ أَنَّني مِن ذُهول الوجد لَم أَفِق

بكَعبَة الحُسن اِنسانا أَرى فَلَوا … عَيني الَّتي طالَما ضَلَّت من الغَسق

وَخبروني أَاِنساني صفا وَدَنا … لِمُستَهام رَماه البَين بِالأَرق

نعم ببشر اللقا تَهديك أَنفُسَنا … وَقَد دَنا وَصَل مَن تَهواهُ فَاِستَفِق

أَهلا بِنورِ عُيون راق لي وَصفا … من بعد يَأسي وَطول الخَوف وَالفرق

فَيا تَحيات برء شهدها بِفَمي … حلى مَرارَة تَسهيدي مِنَ القَلَق

بِأى قَول أَحييه وَعِزَّتُه … عَزت مَنالا فَلَم تُدرِك لِمُستَبِق

لكن ضَمير التَهاني غَير مُستَتِر … وَنور أُنسي بَدا لِلنّاسِ كَالفَلق

وَذا الرَشا مُذ نَشافى حُسن طَلعَتِهِ … كانَت مَنازلُه شَفاقَة الحَدق

اِنسان عَيني المُفَدّى أَنتَ لحت بِها … لا أَوحش اللَهُ من اِحسانِكَ الغَدق

آليت لِما سَقيت السم في سَقمى … وَأَحوَجَتني لَياليهِ لكُل شَقى

لا أَشتَكي لَوعَتي اِلّا لِمَن هُوَ لي … في كُل ضيم بِالعُيونِ بَقى

وَقَد مُنِحتَ بِنور مِنكَ مُقتَبَس … بَرت يَميني وَكانَ الصدق من خلفي

ملت لَيالي مصابى من جَوى وَأَما … وَحملتني أَثقالا عَلى عُنُقي

قادَت زَمامي لِكَهف السَقم وَاِستَنَدَت … بِبابِهِ أَشهَرا طالَت فَلَم أَطق

كَأَنَّها ضُرَّة قَد ضَرَّها رَفهي … بِالقُربِ مِنكَ فَجابَت اِسوَأ الطُرُق

فَهَل نَوَت طهر أَحقادِ تَواريها … بِسُبُل دَمع مِن الآماق مندَفِق

لِما اِستَغَثت بِفَضل اللَهِ يسرلي … اِكحال صَبر أَقالَتني مِن القَلَق

وَرَدك اللَهُ نور المُقلَتَين عَلى … صَب بِغَيرِكَ هاد قَط لَم يَثِق

كَم دق عَظمي بِاِسقام تُغادِرُني … كاثمد لِعُيون العَينِ منسحق

كَم قُلت في مِحنَتي يا رَب خُذ بِيَدي … وَاِكشِف سَقامي وَجد بِالنَومِ للارق

فَبِالصَغيرَين أَهدى الشُكر مُعتَرِفا … لِخالِقي ما صَفا البَدران بِالافق