سفر أيوب 4 – بدر شاكر السياب

يا ربّ أيوب قد أعيا به الداء

في غربة دونما مال و لا سكن

يدعوك في الدّجن

يدعوك في ظلموت الموت أعباء

ناد الفؤاد بها فارحمه إن هتفا

يا منجيا فلك نوح مزّق السّدفا

عني أعدني إلى داري إلى وطني

أطفال أيّوب من يرعاهم الآنا

ضاعوا ضياع اليتامى في دجى شات

يا رب أرجع على أيوب ما كانا

جيكور و الشمس و الأطفال راكضة بين النخيلات

و زوجة تتمرّى و هي تبتسم

أو ترقب الباب تعدو كلّما قرعا

لعله رجعا

مشاءة دون عكّاز به القدم

في لندن الليل موّت نزعه السّهر

و البرد و الضّجر

و غربة في سواد القلب سوداء

يا ربّ يا ليت أنّي لي إلى وطني

عود لتلثمني بالشمس أجواء

منها تنفّست روحي طينها بدّني

و ماؤها الدم في الأعراق ينحدر

يا ليتني بي من في تربها قبروا

لأنه منك حلو عندي المرض

حاشا فلست على ما شئت أعترض

و المال ؟ رزق سيأتي منه موفور

هيهات أن يذكر الموتى وقد نهضوا

من رقدة الموت كم مص الدماء بها دود ومدّْ بساط

الثلج ديجور

إني سأشفى سأنسى كلّ ما جرحا

قلبي و عرّى عظامي فهي راعشة و الليل مقرور

و سوف أمشي إلى جيكور ذات ضحى .