سبحانَ مَنْ يعلم لا يعلم – محيي الدين بن عربي

سبحانَ مَنْ يعلم لا يعلم … كما أنا أعلمُ لا أعلمُ

فلا تقلْ منْ بعدِ ذا إنهُ … بما أنا فيه به أعلم

لأنني لا علمَ لي بالذي … يعلمُهُ مني فلا أعلمُ

فإنْ يكن في العلم فضل بنا … صح الذي قال هو الأعلم

لذاك أبدى حرف حتى إذا … نعلمُ أمراً لمْ نكنْ نعلمُ

فهوَ على الوجهينِ علامة ٌ … الحادثُ المنصوصُ والأقدمُ

فيحدثُ النسبة َ من كوننا … لأجلِ ذا الواقعِ لا يعلم

كرحمة الصحو إذا أقبلتْ … وبعد ذا أعقبها الصيلم

فالشيءُ يمتازُ بآثارِهِ … والحكم في القابلِ لا يُعلم

حتى يرى في عينه ظاهراً … وعنده يحكُم من يحكم

بأنهُ الواقعُ في كونهِ … ولمْ يكنْ من قبلِ ذا يفهمُ

حقيقة ُ الإمكانِ قدْ رددتْ … من ينسب العلم له الأقوم

إذا بدا حاجبُ شمسِ الضحى … خرَّتْ له من حينها الأنجم

واندرجتْ أنوارها عندَهُ … إذ كان للشمسِ السنا الأعظم

فالعقل يدري أنَّ أنوارها … مشرقة ٌ والحسُّ لا يفهمْ

لا يدرك النُّور سوى نفسه … بنا كما يدركه المظلم

لكنهُ بالنورِ إدراكنا … معنى ً وحساً هكذا فافهموا