سألتْ ظبية ُ ما هذا النحولُ – مهيار الديلمي

سألتْ ظبية ُ ما هذا النحولُ … أسقامٌ باحَ أم همٌّ دخيلُ

أين ذاك الظاهرُ المالئ لل … عين والمخترطُ الرطبُ الصقيلُ

أهلالا بعد ما أقمر لي … أم قضيبا ومشى فيه الذبولُ

أنتِ والأيامُ ما أنكرته … وبلاءُ المرء يومٌ أو خليلُ

قتلتني وانبرت تسأل بي … أيها الناسُ لمن هذا القتيلُ

أشرُ الحسنِ وجنِّيُّ الصِّبا … شدَّ ما طاحت دماءٌ وعقولُ

أنا ذا لحمى أطعمتُ الهوى … فهيَ نفسي فوق أظفاري تسيلُ

حكمَ اللهُ على والي دمي … ولعيني ولقلبي ما أقولُ

وشى الواشي وفي تأميله … سفها أنِّي مع الغدر أميلُ

لُمْ وقلْ إني عدوّ كاشحٌ … ذابَ غيظا لا تقل إني عذولُ

لك ما رابك مني إنما … لمتَ في نفسي فهل منها بديلُ

وعلى الخيفِ أخٌ غيرك لي … يثمرُ الخلَّة َ حلواً ويحيلُ

شأنُ قلبينا إذا جدَّ الهوى … شأنُ قلبٍ وسبيلانا سبيلُ

نمتَ عنِّي ولديه لوعة ٌ … يعرض الليلُ عليها ويطولُ

وعسى الأيام أن تبدلهُ … صبغة ً تنصلُ أو لونا يحولُ

طبنَ والأزمانُ في إبّانها … آية ً والناسُ والدهرُ شكولُ

ردْ دنئ الورد أو متْ ظامئا … غيرُ شربيك الذي يرضى الغليلُ

واسأل الملحة واراها القذى … أين ذاك البابليّ السلسبيلُ

طيرَ بالودّ كما طار السَّفا … وعفا المجدُ كما تعفو الطلولُ

كنتُ أبكي قلَّة الناس فمن … لمناي اليومَ لو دام القليلُ

وأراني غدرُ من يألفني … أنه خيرُ خليليَّ الملولُ

ليت بالمولى الذي يظلمني … عارفا بي منصفي وهو جهولُ

أحملُ الطودَ وأعيا جلدي … اللسانُ السمحُ والكفُّ البخيلُ

قيل صبرا وانتظر إسفارها … يقبلُ المعرض أو يقضي المطولُ

قلتُ لم أجزع ولكن خطَّة ٌ … قبحَ الصبرُ لها وهو جميلُ

خوَّفتني أن تجشَّمتُ الردى … قلتُ عيشي إنما الموتُ الخمولُ

يا بني دهري دهاني عندكم … هممٌ تعلو وحاجاتٌ نزولُ

خفِّفوا عن منكبي حملَ العلا … إنّ ما بينكمُ عبءٌ ثقيلُ

قد غبنتُ الفضلَ يوم ابتعته … فأقيلوني إني مستقيلُ

هل على بابِ الأحاظي آذنٌ … أم ألى جارى المقاديرِ رسولُ

فيرى منّى ومنها ساعة ً … ظالمٌ يسمعُ أو شاكٍ يقولُ

يا بنيأيّوبَ حسبي بكمُ … أنتم الحاجة ُ والناس الفضولُ

علِّلوني ببقاءِ مجدكمْ … إنما يلتمس البرءَ العليلُ

أنكرتني عن تقالٍ أسرتي … وتناءى الأهلُ عنّى والقبيلُ

ورمتني بيدِ الضيمِ على … ظهر تيهاءَ يصاديها الدليلُ

ولديكم مألفٌ معتلقٌ … بي وبشرٌ لا يغطَّى وقبولُ

وعهودٌ جددٌ مرعيَّة ٌ … وعهودُ الناس أخلاقٌ سمولُ

كلّما أسحلَ ودّاً قدمٌ … عادَ حبلٌ مبرمٌ منها فتيلُ

بأبي طالبَ طالتْ نبعة ٌ … عقَّها الماءُ فقالوا لا تطولُ

ربَّها بالجود حتى ساقها … شططُ الحاضن والفئ الظليلُ

الفتى كلُّ الفتى تخبرهُ … يوم يقسو البرُّ أو يجفو الوصولُ

وتخون العينُ غدرا أختها … ويدقُّ الرأيُّ والخطبُ جليلُ

من رجالٍ صان أعراضهمُ … زلقٌ بالعارِ عنها وزليلُ

منعوها بالندى أن تختلى … وهي إن طيفَ بها مرعى ً وبيلُ

أبهمَ الناسُ ولاحت أنجما … غررُ السؤدد فيها والحجولُ

كلُّ آباءٍ له ما احتكم ال … شرفُ الفارعُ والبيتُ الأصيلُ

بكَ قامتْ للنّدى مسكته … وهو لولا الرمقُ النِّضوُ القتيلُ

ومشى الفضلُ الذي آويتهُ … رافلا في العزّ والفضلُ دليلُ

فابقَ للمجدِ الذي منك بدا … وإلى مغناك يُفضى ويؤولُ

وارتبط ناتجَ ما ألقحتهُ … كلَّ جرداءَ لها شوطٌ طويلُ

تطرحُ الريحَ على أعقابها … وتردُّ البرقَ والبرقُ كليلُ

دارها الأرضُ إذا ما اندفعتْ … بعيابِ الشكرِ تسري وتجولُ

كلّما طامنَ منها كفلٌ … مردفٌ أشرفَ هادٍ وتليلُ

فهي إمّا قيِّدتْ أو أطلقتْ … أطربَ السمعَ صليلٌ وصهيلُ

ولها إن لم تكن من لاحقٍ … أمّهاتٌ منجباتٌ وفحولُ

من بنات الفكر يغذوها الحجا … مرضعاتٍ وتربِّيها العقولُ

يقسم الرُّوَّاضُ أن قد كرمتْ … فارتبطها هكذا تبلى الخيولُ

يجنبُ النَّيروزُ منها تحفة ً … ما لها في تحفِ الدنيا عديلُ