زارت على رُقبة ِ عُذّالها – حيدر بن سليمان الحلي

زارت على رُقبة ِ عُذّالها … فاقتبِل العمرَ باقبالها

طيّبة َ الأردان ما استجمرت … بالمندلِ الرطبِ كأمثالها

تُدني الجلابيبَ لتُخفي لها … ما رسمَ المشي بأذيالِها

وكيفَ تخفى وكثيبُ الحمى … يأرجُ من فضلة سِروالِها

فانعم بعطشى الخصرِ ريّا الصبا … مجدولة ِ الأعطافِ مكسالِها

وارشف كما شاء الهوى ريقة ً … كانت تمنّيك بسلسالِها

أحبب بها من شائقٍ والهٍ … أحيت مشوقاً بالحِمى والها

غيداءَ لو غنت لريم الفلا … ما بكرت تعطُو إلى ضالها

جاءَت ولكن كمجيىء الكرى … تُكاتِم الغيرانَ مِن آلها

يا طربَ الصبِّ لإنسانة ٍ … لم تكن الحِورُ بأبدالِها

كم زادَني العذلُ وُلوعاً بها … ما أولعَ النفسَ بقتّالها

يهزَّها الدلُّ فتختالُ عن … مُعتدلِ القامة ِ ميّالها

تُرقِصُ قلبَ الصبِّ مهما مشت … لكن على رنَّة ٍ خلخالها

ذات الجعود السود معقوصة ً … تحكي الأفاعي عند إرسالها

هل نثرت مِسكاَ على كُثبها … إذ عبقت دلاًّ بإِسبالها

أم علقت في خدِّها جمرة ٌ … فاحترق العنبرُ مِن خالها

يا هل طرقت الحيَّ قد حجّبت … معسولة ُ الريق بعسّالها

أُمّ رئالٍ بين أبياتهم … يا عجباً تُحمى برئبالها

تلك الخصورُ الهيفُ وارحمتا … لضعفها من ثقل أكفالها

هيّمت الصبَّ وقالت له … صِل الغديّاتِ بآصالها

نفسُك للإطراب دعها فقد … مالت إلى الزهو بآمالها

إجر بكفيك كُميتَ الطِلى … واجلِ صدى الهمِّ بجريالها

فَروضة ُ الأفراح قد طلَّها … ببشره “جعفرُ” إفضالها

مَن جمعت فيه العُلى هاشمٌ … وافترقت منه إلى آلها

قد وزنت قنطارَ أهلِ الندى … همّتهُ لكن بمثقالها

يبسط أختَ السحب لكن يداً … تهزءُ بالجود بهطّالها

إيهاً «أبا موسى » لأنت الذي … قد رشَّح الأُسدَ لأغيالها

ضرغامُ فهرٍ وحقيقٌ بأن … طُرًّا تهنّيك بأشبالها

لي من “حُسينٍ” أيُّ ريحانة ٍ … قد أينعت منك باخضالها

أنميتَ لي في عرسه نبعة ً … عنك ستروي طيب أفعالها

فاسمع فِداك الدهر من قائل … تهنية طابت كقوّالها

في عُرس «هاد» سبقت نعمة ٌ … بشرى لك اليوم بإكمالها

تلك التي قرَّت عيونُ العُلى … والفضلُ فيها يابنَ مِفضالها

وفي السما قد قامَ «جبريلُها» … يَهدي شذا البشر «لميكالها»

والأرضُ من نوء الهنا أغدقت … فرُوّضت من بعد إمحالها

فخراً جبالَ الحلمِ لولاكم … ما قرَّت الأرضُ لزلزالها

أُسرة ُ مجدٍ كوفئت في العُلى … أعمالُها الغرُّ بأخوالها

معذولة ُ الأيدي على جودها … والغيثُ فيه بعض عذّالها

تنمى إلى القائم بين الورى … برشدها أو حمل أثقالها

ما هو إلاّ آية ٌ للهدى … قد شُرّف الروحُ بأنزالها

بل هو في لأُمّة مهديُّها … وحبّه صالحِ أعمالها

للرشد أبوابٌ وأبناؤه … كانوا المفاتيحَ لأقفالها

هم أنجمُ العلم التي كم جلت … عن الورى ظلمة َ أشكالها

داموا ببالٍ فارهٍ في النهى … أبقى أعاديهم ببلبالها