رَوّعوه ؛ فتولَّى مغضِبا – أحمد شوقي

رَوّعوه ؛ فتولَّى مغضِبا … أَعلِمتم كيف ترتاعُ الظِّبا؟

خُلِقت لاهِية ً ناعمة … رُبَّما رَوَّعها مرُّ الصَّبا

لي حبيبٌ كلَّما قيل له … صَدَّقَ القولَ ، وزكذَى الرِّيبا

كذاب العُذَالُ فيما زعمو … أَملي في فاتِني ما كذبا

لو رَأَوْنا والهوى ثالثُنا … والدُّجى يُرخي علينا الحُجُبا

في جِوار الليل، في ذمَّتِه … نذكر الصبحَ بأنَّ لا يقربا

مِلءُ بُرْدَينا عفافٌ وهوى … حفظ الحسنَ ، وصنتُ الأدبا

يا غزالاً أَهِلَ القلبُ به … قلبي السَّفْحُ وأَحْنى ملْعبا

لك ما أَحببت مِنْ حَبَّتِه … منَهلاً عذباً ، ومرعى ً طَيِّبا

هو عندَ المالِكِ الأوْلى َ به … كيفَ أشكو أنه قد سُلِبا؟

إن رأَى أَبْقَى على مملوكه … أَو رأى أتلفه واحتسبا

لكَ قدٌّ سجدَ البانُ له … وتمَّنت لو أقلَّتْه الرُّبى

ولِحاظٌ، من معاني سحره … جمع الجفنُ سهاماً وظُبى

كان عن هذا لقلبي غُنْيَة ٌ … ما لقلبي والهوى بعد الصِّبا؟

فِطرتي لا آخُذ القلبَ بها … خُلِقَ الشاعِرُ سَمحاً طَرِبا

لو جَلَوْا حُسْنَكَ أَو غَنَّوْا به … للبيدٍ في الثمانين صَبا

أيها النفسُ ، تجدّين سُدى ً … هل رأيتِ العيشَ إلا لَعِبا؟

جَرِّبي الدنيا تَهُنْ عندكِ، ما … أَهونَ الدنيا على من جرّبا

نلتِ فيما نِلْتِ من مَظهرها … ومُنِحْتِ الخلدَ ذكراً، ونَبَا