رَاعَ العُيُونَ جَمَالُ هَذَا المَنْظَرِ – خليل مطران

رَاعَ العُيُونَ جَمَالُ هَذَا المَنْظَرِ … لِلّهِ دَرُّكَ مِنْ صَبَاحٍ مُسْفِرِ

يَفْرِي الظلامَ ضِيَاؤُهُ وَبِوَجْهِهِ … تُجْلى تبَاشِيرَ الغَدِ المتَنَظَّرِ

هَذِي الحَيَاةُ جَدِيدَةٌ وَجَدِيرَةٌ … بِفَخَارِ مُحْدِثِهَا وَإِن لَمْ يَفخَرِ

لَك يَا عَلِيُّ مَآثِرٌ وَطَنِيةٌ … كثُرَتْ وَلكِنْ مِنْكَ لَمْ تُستَكْثرِ

أَعْظِمْ بِمَا تَبْغِي وَكُلُّ عَظِيمَةٍ … إِنْ تَبْغِها بِالصِّدْقِ لَمْ تتَعَذَّرِ

لَمْ تَأْلُ حِينَ حَدَتْكَ آمَالُ العُلى … أَلاَّ تُجِيبَ دَعَاءَ طِيبِ العُنْصُرِ

مَا أَحْسَنَ الأَصْلَ الزَّكِيَّ وَقَدْ نَمَا … مُتَجَدِّداً فِي فرْعِهِ المُخْضَوْضِرِ

بَيْنَ المَغَارِسِ وَالمَصَانِعِ لَمْ يَدَعْ … بُرْهَانُ سَبْقِكَ حُجَّةٌ لِمُقصِّرِ

وَيَزِيدُ فَضْلَكَ فِي التقَدُّمِ مَا بِهِ … مِنْ قُدْوَةٍ لِلقَادِرِ المُتَأَخِّرِ

لَمْ تسْتِعنْ إِلاَّ بِنَفْسِكَ وَهْيَ مَا … هِيَ فِي الكِفَايَةِ لِلمَرَامِ الأَكْبَرِ

نَفْسٌ لهَا أَنْصَارُهَا وَحُمَاتُهَا … مِنْهَا فَإِنْ تُقْدِمْ بِهَا لمْ تُقْهَرِ

هِيَ مِنْ نَدَاهَا فِي رِعايَةِ أُسْرَةٍ … وَمِنَ العَزَائِمِ فِي حِيَاطَةِ عَسْكرِ

إِنَّا رَأَيْنَا فِي رِحَابِكَ آيَتَيْ … حَزْمٍ وَفِيرِ جَنىً وَعَزْمٍ مُثْمِرِ

ضَرْبٌ مِنَ الخلْقِ الحَرِيبِ بَعَثْتَه … بَعْثَ الخَصِيبِ مِنَ الثرَى إِنْ يُمْطَرِ

كَمْ عَاطِلٍ وَجَدَ السِبيلَ لِرِزْقِهِ … فَمشَى إِلَيْهِ وَلَيْسَ بِالمُتَعثِّرِ

كَمْ بَاهِلٍ مُتحَيِّرٍ فِي أَمْرِهِ … بِهُدَاك عَادَ وَليْسَ بِالمُتحَيِّرِ

كمْ جَاهِلٍ حَاكَ الرِّدَاءَ وَزَانَهُ … بِالوَشْي بَيْنَ مُرَقَّمٍ وَمُسَطَّرِ

لَمْ يَبْدُ مِنْ أَثَرٍ لِغِلطَةِ كفِّهِ … فِي صُنْعِهِ مِنْ سَاذَجٍ وَمُصَوِّرِ

أَقْوَاتُ هَاتِيكَ المِئَاتِ كَفَلتَهَا … بِسَمَاحِ مِعْطَاءٍ وَقَصْدِ مُدبرِ

وَسَقَيْتَهَا المَاءَ القَرَاحَ وَلَمْ يَكُنْ … فِي العَيْشِ مَا نُسْقَاهُ غَيْرُ الأَكْدَرِ

أَلنِّيلُ يَحْمِلُ لِلنَّباتِ غِذَاءَه … فَإِذَا صَفَا جَادَ الأَنامَ بِكَوْثَرِ

هَذَا هُوَ البِرُّ الصحِيحُ بِأُمةٍ … أَخْنَى بِهَا إِهمَالُهَا مِنْ أَدْهَرِ

وَكَمَا بَنَيْتَ لَوِ السرَاةُ بَنَوْا لهَا … لَنجَتْ مِنَ المُبْتَزِّ وَالمُسْتَعْمِرِ

أَمْجِدْ بِطَلَعت حَرْبِ فِي زُعَمائِهَا … وَفؤادِ سُلطَانِ فتَاهَا العَبْقَرِي

أَلفرْقَدَيْنِ تَآلفاً وَتَحَالُفاً … وَهِدايَةً لِبَصِيرَةِ المُتَنورِ

آثرْتَ فيمَا مَهَّدَاه وَأَحْكَمَا … سَنَناً جَدِيراً بِاخْتِبارِ المُؤْثِرِ

وَحَذَوْتَ حَذْوَهُمَا عَلى قَدَرٍ وَمِنْ … لُبِّ الصِّوَابِ الجُودُ بِالمُتَيَسرِ

فَإِلَيْكَ مِنِّي يَا عَلِيُّ قِلادَةً … لَوْ جُسمَتْ أَزْرَتْ قِلادَ الجَوْهَرِ

صَوَّرْتُهَا وَالفَضْلُ فِي إِبْدَاعِهَا … لِجَمَالِ فِعْلِكَ لا لِحُسْنِ تَصَوُّرِي

وأَعِدَّني بِتحِيَّتي لَكَ مُفْصِحاً … عَمَّا يُخَامِرُ فِكْرُ كُلِّ مُفَكِّرِ