رسم علي لذلك الرسم – عماد الدين الأصبهاني
رسم علي لذلك الرسم … أني أقاسمه ضنى الجسم
دار على حرب الزمان لنا … جنحت بها سلمى إلى سلمي
ما للهوى أبدا يلازمني … فيها فهل كتب الهوى باسمي
يا صاح تعذلني على شعف … ما زال يعذرني له خصمي
إني رضعت لبان حبهم … ويعز عنه وإن جفوا فطمي
كلم فراقهم ولومك لي … في حبهم كلم على كلم
بخلوا علي بوصل طيفهم … ما كان بخل الطيف في زعمي
أني يطيب ويستطيب كرى … قلب يهيم وناظر يهمي
أوما سوى هجري عقابهم … أم ليس غير هواهم جرمي
أما الغرام فأدمعي أبدا … يعربن عنه بألسن عجم
والقلب مسكنهم فكيف رضوا … أن يجعلوه مسكن الهم
والسقم في جسم المحب فلم … وصفت عيون البيض بالسقم
أدم سفكن دمي بأعينها … يا للرجال من الدمى الأدم
بيض الظبى تنبو وترشقنا … بيض الظباء بأعين تدمي
ما كنت أعلم قبل رؤيتها … أن النواظر أسهم تصمي
أقمار خمر إن سفرن لنا … وإن انتقبن أهلة اللثم
يضعفن عن حمل الإزار فلم … يحملن أوزارا من الإثم
لظباء كاظمة مقابلتي … غيظي من الرقباء بالكظم
وأغن بالكشح الهضيم له … يا كاشحي أغناك عن هضمي
أحمي بجهدي في الهوى جلدي … واللحظ منه يبيح ما أحمي
من منصفي من جور حاجبه … ولحاظه عن قوسه ترمي
وحلا ومر وتجنيا وجنى … يا شهده لم شيب بالسم
الخمر ريقته وقد عذبت … ما كل خمر مزة الطعم
وإذا شفت شفة غليل صد … فالظلم صدكه عن الظلم
أقنعت من برق الحمى سحرا … ونسيمه بالشيم والشم
ورضيت من نعم وإن مطلت … بنعم ونعمى تلك من نعم
وبلغت من عظم الشكاة مدى … فيه المدى بلغت إلى العظم
فإلام تشكو الظلم من زمن … يتهضم الأحرار بالظلم
تأتي نوائبه منبهة … وتمر كالمرئي في الحلم
لا تخفض اسمك وارتفع حذرا … فعلا تصرفه يد الحزم
سم نفسك العلياء واسم بها … في بغية الدنيا عن الوسم
حتى متى تظما إلى ثمد … أيقنت أن وروده يظمي
فدع التيمم بالصعيد ففي … كنف الإمام شريعة اليم
ملك ليالي النائبات به … تجلى وتخضب أزمن الأزم
ورأى الورى الوجدان من عدم … في عصره والوجد من عدم
أوصافه بالوحي نعرفها … فصفاته جلت عن الوهم
تسمو بلثم تراب موكبه … فلقد سمت يده عن اللثم
ما كنت تبصر نفع موكبه … لولا تواضعه من العظم
النجم منزله ومنزله … للوحي منزل سورة النجم
من معشر آساس ملكهم … صينت قواعدها عن الهدم
من كل سامي الأصل سامقه … زاكي الخليقة طاهر الجذم
شم المعاطس عزهم أبدا … قمن بذل معاطس الشم
المنهبون الوفد وفرهم … والمشترون الشكر بالشكم
قوم يرون إذا هم اجتمعوا … تفريق ما غنموا من الغنم
خفوا إلى فعل الجميل فما … يستثقلون تحمل الغرم
حمر النصال جلوا ببيضهم … ظلمات ظلم الأزمن الدهم
وخطابهم في كل داهية … يقتاد أنف الخطب بالخطم
إرث النوبة بل خلافتها … في يوسف المستنجد القرم
كالبدر نورا والهزبر سطا … يوم الهياج وليلة التم
لا بالجهام ولا الكهام إذا … نوب الزمان عرت ولا الجهم
لو للسيوف مضاء عزمته … ويراعه أمنت من الثلم
وإذا المنى عقمت فنائله … شافي العقام وناتج العقم
الدين مرتبط بدولته … والدهر تابع أمره الحزم
لوليه من فيض نائله … فيض الولي ونائل الوسمي
قسما نصيب من الوفاء به … أوفى النصيب وأوفر القسم
للحق ما يرضيك من عمل … والحكم ما تمضيه من حكم
أما الطغاة فقد وسمتهم … ووصمتهم بالذل والرغم
بين الزجاج تصدعوا شعبا … صدع الزجاج لوقعة الصدم
للوقد أنفسهم وسمعهم … للوقر والأعناق للوقم
إغمد حسامك في رقابهم … فالداء مفتقر إلى الحسم
آزرت ملكك بالوزير فمن … شروا كما في العزم والحزم
يحيى الذي أضحى بسيرته … حي المحامد ميت الذم
كبرت وجلت فيك همته … فله بنصحك أكبر الهم
هو حاتمي الجود ليس يرى … إسداء نائله سوى حتم
فليهننا أنا لملكك في … زمن يرد شبيبة الهم
وهناك أنك بين أظهرنا … خلف النبي ووارث العلم
وكما وزنت عيار فضلك بالإفضال … زنت العلم بالحلم
بمكارم لك عرفها أبدا … فينا ينم وعرفها ينمي
ما روضة غناء حالية … وشيا تحليه يد الرقم
فعرائس الأغصان قد جليت … في زهرها بالوشي والوسم
وتمايلت أزهارها سحرا … بنسيمه المتمارض النسم
فلكل نور نور ثاقبه … ولكل ناجمة سنا نجم
دران من طل على زهر … يا حسنه نثرا عملي نظم
إذ كل هاتفة وهاتنة … مشغولة بالسجع والسجم
فالورق في نوح وفي طرب … والوجد في بوح وفي كتم
بأتم حسنا من صدائح لي … فيكم منزهة عن الوصم
درية الإشراق مشرفة الدري … بل مسكية الختم
تجري وتفتح من سلاستها … صم الصفا ومسامع الصم
يغنى الطروب عن الغناء بها … وابن الكريم عن ابنة الكرم
لطفت وطالت فهي جامعة … عظم الحجا ولطافة الحجم
ولكم سحبت الذيل مبتهجا … حيث الرجاء مطرز الكم
مستنزر جم الثنهاء إذا … قابلته بعطائك الجم
لم يخط منذ أصببت خدمتكم … أغراض أغراضي بكم سهمي
ولرب مجد قد أضفت إلى … ما نلت من خال ومن عم
فالدهر يصرف صرفه بكم … ويكف كف البسط عن غشم
ولئن نطقت بكم وفوصفكم … محيي الجماد ومنطق البكم