رسالة المتنبي الأخيرة إلى سيف الدولة – غازي القصيبي

بيني وبينك ألف واش ينعب … فعلام أسهب في الغناء وأطنب

صوتي يضيع ولا تحس برجعه … ولقد عهدتك حين أنشد تطرب

وأراك ما بين الجموع فلا أرى … تلك البشاشة في الملامح تعشب

وتمر عينك بي وتهرع مثلما … عبر الغريب مروعاً يتوثب

بيني وبينك ألف واش يكذب … وتظل تسمعه .. ولست تكذب

خدعوا فأعجبك الخداع ولم تكن … من قبل بالزيف المعطر تعجب

سبحان من جعل القلوب خزائنا … لمشاعر لما تزل تتقلب

قل للوشاة أتيت أرفع رايتي … البيضاء فاسعوا في أديمي واضربوا

هذي المعارك لست أحسن خوضها … من ذا يحارب والغريم الثعلب

ومن المناضل والسلاح دسيسة … ومن المكافح والعدو العقرب

تأبى الرجولة أن تدنس سيفها … قد يغلب المقدام ساعة يغلب

في الفجر تحتضن القفار رواحلي … والحر حين يرى الملالة يهرب

والقفر أكرم لا يغيض عطاؤه … حينا .. ويصغي للوشاة فينضب

والقفر أصدق من خليل وده … متغير .. متلون .. متذبذب

سأصب في سمع الرياح قصائدي … لا أرتجي غنماً … ولا أتكسب

وأصوغ في شفة السراب ملاحمي … إن السراب مع الكرامة يشرب

أزف الفراق … فهل أودع صامتاً … أم أنت مصغ للعتاب فأعتب

هيهات ما أحيا العتاب مودة … تغتال … أو صد الصدود تقرب

يا سيدي في القلب جرح مثقل … بالحب … يلمسه الحنين فيسكب

يا سيدي والظلم غير محبب … أما وقد أرضاك فهو محبب

ستقال فيك قصائد مأجورة … فالمادحون الجائعون تأهبوا

دعوى الوداد تجول فوق شفاههم … أما القلوب فجال فيها أشعب

لا يستوي قلم يباع ويشترى … ويراعة بدم المحاجر تكتب

أنا شاعر الدنيا … تبطن ظهرها … شعري … يشرق عبرها ويغرب

أنا شاعر الأفلاك كل كليمة … مني … على شفق الخلود تلهب