رح يا أنا يا فاسد التركيب – عبدالغني النابلسي

رح يا أنا يا فاسد التركيب … يا حائلا بيني وبين حبيبي

يا غيمة سترت ضياء الشمس عن … عين الشهود وأبعدت تقريبي

يا ليتني بك لم أكن متسترا … في زي أسود بالسوى غربيب

أنت الذي أثقلتني ومنعتني … عن أن أفوز من العلا بنصيب

مع أنك البرق اللموع من الحمى … لكن جمودك معجم تعريبي

فأنا الكثيف ومن شغفت بحبه … ذاك اللطيف عليك فهو حسبي

جسم بليت به كليل مظلم … من حكم طبع سائق للهيب نشأت به نفس تكامل جهلها فخلت من التثقيف والتأديب

فكأنه وكأنها لما أبت … رشدا كنيسة راهب بصليب

لولا العناية هكذا هي لم تزل … طبق الملام ومقتضى التأنيب

لكن أنار الله مصباح الهدى … فيها بفتح للغيوب قريب

وأحالها شمسا تشعشع نورها … بعد الجمود بسرعة التقليب

والروح من أمر الإله ككوكب … دب الضيا منه بغير دبيب

روح شريف حكمه متناسق … فينا بأنواع من التهذيب

وهو الذي يروي لنا خبر الحمى … وتفوح فينا منه نفحة طيب

فأنا الذي أبدو كلمعة بارق … عن غيب أمر الله بالترتيب

وأنا الذي قد صرت روحا ظاهرا … في كل هيكل سائل ومجيب

أبدا أحن إلى حقيقة منشئي … مني بقلب في الكمال منيب

والأمر أمر الله ليس لغيره … من ذاك شيء يا ذوي التقريب