ربنا من لطفه لا يدرك – عبدالغني النابلسي

ربنا من لطفه لا يدرك … حار من وحده المشرك

أوّل الخلق له الروح وقل … نفس الرحمن عن أمريك

مثل لمح البصر الأمر بدت … روحنا عنه به تنسبك

فاعلموها علم ذوق تعرفوا … ربكم إن رمتموا أن تسلكوا

وابتدا كل كثيف هي من … لطف باريها كثيف درمك

ولهذا الروح لا تدركه … هل كثيف للطيف يدرك

إنما تشهده بفعلها … وهو فيها ظاهر مشتبك

جلّ عنها وتعالى عدم … في وجود قط لا يحتبك

صور يجلى بها خالقنا … فنراه جلّ من لا يترك

كل عقل عاجز بالطبع عن … دركه حاروا به والتبكوا

لن ينالوه بتقواهم وإن … زاد منهم صدقهم والنسك

يا أخا العرفان هذا قمر … في سماء الغيب هذا ملك

وهو روح سابح في بحره … مثل ما يسبح فيه السمك

ثم عنه صدرت كل الورى … والسموات العلى والفلك

ونجوم سبحت في أفقها … ولها في كل آن حبك

والنهارات المضيئات التي … إن مضت تأتي الليالي الحلك

واختلاف الناس في أحوالهم … ناشئ عنها نجوا أو هلكوا

والعقول المستمدّات بها … لاقتناص الغيب هنّ الشبك

كل هذا واحد في نفسه … وكثير سالموا أو فتكوا

وهو روح وهو نور المصطفى … خلقوا منه فلا ترتبكوا