رأيتُ الذي لا بدَّ لي منهُ جهرة ً – محيي الدين بن عربي
رأيتُ الذي لا بدَّ لي منهُ جهرة ً … ولمْ يكُ إلا ما رأيتُ منَ الكونِ
ولكنه منه على ما رأيته … كإنسانِ عينِ الشخصِ فيه من العينِ
ويأتي على ما يأتي للفصلِ والقضا … وقد كان قبلَ الخلقِ في ذلك العين
إذا المرءُ لم يعرفْ بسمعٍ ولا بدا … لعينٍ أتاه إلا مَن بالحفظ والصَّون
فرضنا له عينَ الكمالِ لأنه … إذا كانَ في الأحجارِ فيها من العينِ
إذا شاء أن يروي من الماء مرتوٍ … فلا يشربُ إلا ما يكونُ منَ العينِ
فذاكَ لهُ مثلُ الرضاعِ لأنهُ … تولَّد منها عن فصالٍ وعن بينِ
وما كان قولي إنه عينُ ما يرى … منَ الكونِ إلا قولهُ لي بلا مينِ
ولما سألتُ الله عوناً على الذي … يكلفني من فرضِه كان في عَوني
ويا عجباً إن المعين هو الذي … يكون مُعاناً ردُّه شاهد البَيْنِ
تباعد عنها الشَّينُ والشينُ كونها … فأنت ترى عَيناً وما ثَمَّ من شَيْن
إذا قال لي ما أنت إلا هويتي … فأين الذي قال المنازعُ من بوني
لقدْ حرتُ في أمري وإني لصادقٌ … تقابلُ ألفاظٍ تُترجمُ عن عيني
وما عجبي عن واحدٍ عنه واحدٌ … كما قيل لكنْ مِنْ وحيدٍ عن اثنين
فلولاهُ لمْ أوجدْ ولولاي لمْ يكنْ … ولا بدَّ لي في كون ذاتي من اثنين
حقيقة ُ ذاتي منْ حقيقة ِ ذاتهِ … ولا بدَّ من ذاتي فلا بدَّ من تَين
وإني من الأضدادِ في كلِّ حالة ٍ … كما هو مثل الغرِّ في اللوّنِ والجونِ
ومنْ ذا الذي قدْ قيلَ فيهِ مداينٌ … وهل كان هذا الحكمُ إلاّ من الدّينِ
لقدْ حجبتْ منا قلوبٌ صقيلة ٌ … عن الكشفِ والتحقيقِ من حجبِ الرينِ
لقد خالقوا في اللونِ وهوَ مشاهدٌ … وأينَ شهيدُ الكونِ من شاهدِ اللونِ
لقد لنتُ للأقوامِ حتى كأنني … عجزتُ عن التقييد من شِدَّة اللين
وقد جاء حكمُ الفالِ فيما علمتم … وحاشاهُ مما تعرفونَ منَ الغينِ
كما قيلَ حَدّادٌ لحاجبِ بابهم … وقدْ قيلَ هذا اللفظُ في العرفِ للقينِ
ولو كان في الداعي إلى الله غلظة … لفرُّوا ولكنْ جاء باللين والهينِ