ذكرتُ وما وفايَ بحيثُ أنسى – مهيار الديلمي

ذكرتُ وما وفايَ بحيثُ أنسى … بدجلة َ كمْ صباحٍ لي وممسى

بقلبي منْ مبانيها مغانٍ … بنى فيها السُّرورَ فصارَ حلسا

مغانٍ تجتني منها نعيماً … ولمْ نغرسْ بفعلِ الخيرِ غرسا

تركتُ خلالها ورحلتُ قلبي … فلو عذَّبتُ قلبي ما أحسّا

شريتُ عراصها نقداً بدينٍ … فلولا ما شريتُ شكوتُ وكسا

وبكرٍ منْ ذخائرِ رأسِ عينٍ … تعودُ بمجلسِ النَّدمانِ عرسا

يضنُّ بها يهودٌ أو نصارى … وقدْ كرمتْ وإنْ لؤماً وخسَّا

خطبناها فقامَ القسُّ عنها … يخاطبنا فخلتُ القسَّ قسَّا

يحدُّثُ معرباً ما شاءَ عنها … ويعهدُ معجماً لكناً وجنسا

وصارَ بمهرها ثمناً يغالي … بهِ في ظنِّهِ ونراهُ بخسا

أسلْ ذهباً تزنْ ذهباً فإنَّا … نرى في حبِّها الدِّينارَ فلسا

وخافقة ُ الفؤادِ مشينَ عجلى … بها الأترابُ وهي تدبُّ همسا

تعثرَ دهشة ً بالبينِ حتى … يقلنَ لعاً لها فتقولُ تعسا

تغوِّثُ منْ نواي بمخطفاتٍ … حلينَ عواطلاً ونطقنَ خرسا

إذا فجعَ الفراقُ قبضنَ عشرا … وإنْ فجأ اللِّقاءُ بسطنَ خمسا

تقولُ عدمتُ مدَّعياً هواكمْ … وأصبحَ يومَ بينكمُ فأمسى

أقيمي غيرَ جازعة ٍ فإنِّي … أراها وحشة ً ستجرُّ أنسا

ذريني والتَّطرحُ إنَّ بيتاً … إذا هو صارَ إلفاً صارَ حبسا

أجزُ جبلاً وراءَ الرزقِ قالت … وتتركنا فؤادكَ منهُ أقٌسى

ألا من مبلغُ الأيَّامَ عنِّي … وإنْ خجلتْ فما تستطيعُ نبسا

متابي بعدها منْ كلِّ ذنبٍ … أناخَ بساحتي ثقلاً وأرسى

وكانتْ سكرة ٌ أقلعتُ منها … على صحوٍ وذنبُ السُّكرِ ينسى

وما اجتمعت بروجردٌ وفقر … ولا أحدٌ رأى سعداً ونحسا

فتى أحيتْ بهِ الأيَّامُ ذكري … وكانَ موسَّداً منهنَّ رمسا

وقدْ ردَّت نيوبَ الدَّهرِ دردا … يداهُ وقدْ فغرنَ إليَّ نهسا

وذادَ سماحهُ الفيَّاضُ عنِّي … ذئاباً منْ صروفِ الدَّهرِ طلسا

وأعطى ظاهراً سرفَ العطايا … فلما عوتبَ استخفى ودسَّا

أيا سعدُ بنُ أحمدَ ما تسمَّي … ويا رضوى إذا انتسبَ ابنُ قدسا

نمتْ أعراقهُ فنماكَ غصناً … فطبتَ الفرعَ لما طابَ أسَّاً

وأشرقَ فاستفدتْ النَّورَ منهُ … فكنتَ البدرَ لما كانَ شمسا

عظمتْ ندى فلو لويتْ خطوبٌ … بجودكَ لالتوينَ وكنَّ شُمسا

وطبتَ يداً فلو لُثمتْ شفاهٌ … تقبِّلُ راحتيكَ لثمنَ لعسا

بنائلُ آلِ إبراهيمَ عاشَ ال … سماحُ وقدْ محاهُ الدَّهرُ درسا

وهبَّ الرِّيحُ في روحِ المعالي … فطرنَ وطالما ردِّدنَ قعسا

عرانينُ مع الجوزاءِ شمٌّ … تشمُّ عداتها الإرغامَ فطسا

وأعراضٌ تصافحُ لامسيها … غداة َ تضرَّسُ الأعراضَ ملسا

يموتُ حسودها منها بداءٍ … إذا استشفاهُ عاودَ منهُ نكسا

دعاني الشَّوقُ يزأرُ بي إليكمُ … فسرتُ ملبياً والدَّهرُ يخسى

لأدركَ معجزاتكمُ بعيني … فيصبحَ منظراً ما كانَ حسَّا

وكمْ بمديحكمْ بددتْ درَّاً … على القرطاسِ ما استمددتُ نقسا

وقد كانَ البنانُ ينوبُ خطَّاً … فقدْ حضرَ اللِّسانُ يهدُّ درسا

رعيتُ هشيمَ طرقكمُ لماظاً … فردوني ألسُّ الحمضَ لسَّا

وروَّوا منْ نميركمْ غليلاً … وردتُ بهِ القذى خمساً فخمسا

فإنَّ اللهَ أوجبها فروضاً … عليكمْ لا تزالُ الدَّهرَ حبسا

صلاحُ بلادهِ شرقاً وغرباً … ورزقُ عبادهِ عرباً وفرسا